والضرب الرابع : مسلمون من الأعراب أو غيرهم في طرف من أطراف الإسلام بإزائهم قوم من أهل الصدقات لا يؤدّون الزكاة إلاّ خوفا من هؤلاء الأعراب ، فإن أعطاهم الإمام جبوها وحملوها إليه ، وإن لم يعطهم لم يفعلوا ذلك ، واحتاج الإمام إلى مئونة ثقيلة في إنفاذ من يحصّلها ، فإنّه يعطيهم.
ومن أين يعطيهم؟ أربعة أقوال :
الأول : من سهم المؤلّفة من الصدقة ، لأنّهم يتألّفون على ذلك.
الثاني : من سهم الغزاة ، لأنّهم غزاة أو في معناهم.
الثالث : من سهم المصالح ، لأنّ هذا في مصالح المسلمين.
الرابع : من سهم المؤلّفة ، وسهم الغزاة من الصدقة.
واختلف أصحابه في هذا القول ، فقال بعضهم : إنّما أعطاهم من السهمين بناء على جواز أخذ من اجتمع فيه سببان بهما ، وعلى المنع لا يعطون منهما.
وقال آخرون : يعطون من السهمين ، لأنّ معناهما واحد وهو أنّه يعطى منهما ، لحاجتنا إليهم وهم المؤلّفة والغزاة ، بخلاف أن يكون فقيرا وغازيا ، لاختلاف السببين.
وقال آخرون : إنّه أراد أنّ بعضهم يعطى من سهم الغزاة وهم الذين يغزون منهم ، وبعضهم من سهم المؤلّفة وهم الذين ألّفوا على استيفاء الزكاة (١).
قال الشيخ : وهذا التفصيل لم يذكره أصحابنا ، غير أنّه لا يمتنع أن نقول : إنّ للإمام أن يتألّف هؤلاء القوم ويعطيهم إن شاء من سهم المؤلّفة ، وإن شاء من سهم المصالح ، لأنّ هذا من فرائض الإمام ، وفعله حجّة ، وليس يتعلق علينا في ذلك حكم اليوم ، وفرضنا تجويز ذلك والشك فيه وعدم القطع
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٧٩ ، المجموع ٦ : ١٩٨ ـ ١٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٤ ـ ١٥٦.