واعلموا أنّ خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون ، وأنّ شرارهم الجهّال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم ، فإنّ للعالم بعلمه فضلا ، وإن الجاهل لن يزداد بمنازعة العالم إلّا جهلا.
ألا وإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله ، وحقن دماء هذه الأمة ، فإن قبلتم أصبتم رشدكم واهتديتم لحظّكم ، وإن أبيتم إلّا الفرقة وشق عصا هذه الامة فلن تزدادوا من الله إلّا بعدا ، ولن يزداد الربّ عليكم إلّا سخطا. والسلام».
وأجاب معاوية بالتمثّل ببيت من الشعر ، فقد كتب إليه : «أما بعد ، فإنه :
ليس بيني وبين قيس عتاب |
|
غير طعن الكلى وضرب الرقاب |
فلما وقف عليه علي عليهالسلام تلا قوله سبحانه : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)» (١).
وأمر عليهالسلام بإقامة الحج :
ولموعد موسم الحجّ لهذه السنة (٣٦ ه) كتب إلى عامله على مكة قثم بن العباس :
«أما بعد ، فأقم الحجّ للناس ، وذكّرهم بأيام الله ، واجلس لهم العصرين : (الضحى والعصر) فأفت المستفتي وعلّم الجاهل وذاكر العالم.
ولا يكن لك إلى الناس سفير إلّا لسانك ولا حاجب إلّا وجهك ، ولا تحجبنّ ذا حاجة عن لقائك بها ، فإنّها إن ذيدت عن أبوابك في أوّل وردها لم تحمد فيما بعد على قضائها!
__________________
(١) وقعة صفين : ١٤٩ ـ ١٥١ والآية ٥٦ من سورة القصص.