أما بعد ، فإن أوّل ما عرفت به سفهك وخفّة حلمك قطعك على هذا الحسيب الشريف سيد قومه منطقه ، ثمّ عتبت بعد فيما لا علم لك به ، ولقد كذبت ولويت أيها الأعرابيّ الجلف الجافي في كل ما وصفت وذكرت! ثمّ قال لهم : انصرفوا من عندي فليس بيني وبينكم إلّا السيف!
فخرج القوم وأتوا عليا عليهالسلام فأخبروه بالذي كان من قوله (١).
موقف القرّاء :
وكان من القرّاء في الشام عامر بن عبد القيس كان في بعض السواحل هناك ، فلما عسكر علي عليهالسلام التقى بالقرّاء فيه : عبد الله بن عتبة ، وعبيدة بن عمرو السّلماني المرادي ، وعلقمة بن قيس النخعي الهمداني فتوافقوا أن يمشوا بين علي عليهالسلام ومعاوية (بإذن الإمام).
فانصرفوا من عسكر علي عليهالسلام حتّى دخلوا على معاوية فقالوا له : يا معاوية ، ما الذي تطلب؟ قال : أطلب بدم عثمان! قالوا : فممّن تطلبه؟ قال : من علي! قالوا : وهو قتله؟! قال : نعم هو قتله وآوى قاتليه!
فانصرفوا من عنده حتّى دخلوا على علي عليهالسلام فقالوا له : إن معاوية يزعم أنّك قتلت عثمان! قال : اللهم لكذب فيما قال ، لم أقتله. فرجعوا إلى معاوية فأخبروه ، فقال لهم : إن لم يكن قتله بيده فقد أمر ومالأ! فرجعوا إلى علي عليهالسلام فقالوا : إنّ معاوية يزعم أنك إن لم تكن قتلت بيدك فقد أمرت ومالأت على قتل عثمان! فقال : اللهم كذب فيما قال. فرجعوا إلى معاوية فقالوا له : إنّ عليا يزعم أنه لم يفعل. فقال معاوية : إن كان صادقا فليمكنّا من قتلة عثمان فإنهم في عسكره وجنده ،
__________________
(١) هنا مرة ثانية تكرر : «وذلك في شهر ربيع الآخر» والكلام فيه هو ما مرّ في صدره.