يا أمير المؤمنين ؛ دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، اعزل قيس بن سعد عن مصر (١) وابعث محمد بن أبي بكر (أخاه من أمّه) إلى مصر يكفك أمرها ؛ فقد بلغني أن قيسا يقول : إن سلطانا لا يتم إلّا بقتل مسلمة بن مخلّد (الأنصاري) لسلطان سوء! والله ما احبّ أنّ لي سلطان الشام مع سلطان مصر وأني قتلت ابن مخلّد (٢)! يا أمير المؤمنين ؛ إنك إن أطعته في تركهم واعتزالهم ؛ استشرى الأمر وتفاقمت الفتنة وقعد عن بيعتك كثير ممّن تريده على الدخول فيها (٣)!
تأمير ابن أبي بكر على مصر :
فأمر الإمام عليهالسلام كاتبه عبيد الله بن أبي رافع القبطي فكتب عهده عليهالسلام لابن أبي بكر على مصر ، وفيه بعد البسملة : «هذا ما عهد عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر حين ولّاه مصر ، أمره بتقوى الله والطاعة له في السرّ والعلانية ، وخوف الله في المغيب والمشهد ، وباللين للمسلم وبالغلظة على الفاجر ، وبالعدل على أهل الذمة ، وبالإنصاف للمظلوم ، وبالشدة على الظالم ، وبالعفو عن الناس ، وبالإحسان ما استطاع ، والله يجزي المحسنين ، ويعذّب المجرمين ، وأمره أن يدعو من قبله إلى الطاعة والجماعة فإنّ لهم في ذلك من العاقبة وعظيم المثوبة ما لا يقدّرون قدره ولا يعرفون كنهه ، وأمره أن يجبى خراج الأرض على ما كانت تجبى عليه من قبل ، ولا ينتقص منه ولا يبتدع فيه ، ثمّ يقسمه بين أهله ، كما كانوا يقسمونه عليه من قبل. وأمره أن يلين لهم جناحه ، وأن يساوي بينهم في وجهه ومجلسه ، وليكن القريب
__________________
(١) الغارات ١ : ٢١٣ ـ ٢١٧.
(٢) الغارات ١ : ١١٩.
(٣) الغارات ١ : ٢١٧.