حيث أقبل معاوية من جسر منبج إلى الاخنونية في عشرة أيام في ستين ألفا ، وقد استخلف على الشام الضحاك بن قيس الفهري. ونزل معاوية بإزاء عسكر الكوفة ، ومعه القصاص يقصّون عند وقت كلّ صلاة يحضّون أهل الشام. وقدّم معاوية بسر بن أبي أرطاة إلى أهل الكوفة فتناوشوا بلا قتال ولا جراح ثمّ تحاجزوا (١).
وروى أبو الفرج قال : وافى معاوية حتّى نزل بجوار قرية الحيوضية قرب مسكن ، فأقبل ابن العباس حتّى نزل بإزائه. فلما كان الغد وجّه معاوية بخيله إليه ، فخرج ابن العباس إليهم بمن معه ، حتّى ردّهم إلى معسكرهم (٢).
هذا كلّ ما بأيدينا عن توجيه الجنود ، وقد مرّ خبر نوف البكالي : أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام كان قد قدّم لمسير الشام عبيد الله بن العباس هذا بعشرة آلاف ، ولقيس بن سعد بعشرة آلاف ، ولأبي أيوب الأنصاري بعشرة آلاف ، وللحسين عليهالسلام بعشرة آلاف ، ولم يذكروا هذه المرّة ، إلّا قيس بن سعد مع ابن العباس معاونا ومشاورا فقط!
وسار الإمام إلى المدائن :
قال المفيد : وتحرّك الحسن عليهالسلام وسار فمرّ بحمّام عمر ثمّ دير كعب حتّى نزل ساباط (٣) المدائن دون القنطرة إليها على دجلة وبات هناك ، وبيّت عليهالسلام أن يمتحن أصحابه ويستبرئ أحوالهم في الطاعة له ، ليتميّز بذلك أولياءه من أعدائه ، فيكون بذلك على بصيرة في لقاء أهل الشام ومعاوية. فلما أصبح أمر أن ينادى في الناس بالصلاة جامعة ، فاجتمعوا فصلّى بهم ثمّ خطبهم فقال :
__________________
(١) تاريخ بغداد ١ : ٢٠٨ ، وانظر أنساب الأشراف ٣ : ٣٦ في الحاشية.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤١ ـ ٤٢.
(٣) معرّب عن الفارسية : شاه آباد : معمورة الملك.