أمر موسم الحج عام (٣٩ ه):
قدم يزيد بن شجرة الرهاوي بجيشه الثلاثة آلاف إلى مكة قبل التروية بيوم ، فأمر مناديا ينادي في الناس : ألا إنّ الناس آمنون إلّا من يعرض لنا في سلطاننا وعملنا! وقام هو يخطبهم فقال لهم :
أمّا بعد ـ يا أهل الحرم ومن حضره ـ فإنّي وجّهت إليكم لأصلّي بكم وأجمّع وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر! ووالي هذه البلدة كره ما جئنا له والصلاة معنا ، ونحن كارهون للصلاة معه! فإن شاء اعتزلنا بالناس للصلاة ، واعتزلها هو وتركنا أهل مكة يختارون لأنفسهم من أحبّوا أن يصلي بهم ، فإن أبى فأنا آبى كذلك. والذي لا إله غيره لو شئت لصلّيت بالناس وأخذته حتّى أردّه إلى الشام ، وما معه من يمنعه ولكنّي والله ما احبّ أن استحلّ حرمة هذا البلد الحرام.
ثمّ أتى يزيد بن شجرة إلى أبي سعيد الخدري وطلب إليه أن يلقى قثم ويطلب منه ذلك ، فانطلق أبو سعيد إلى قثم وطلب منه ذلك فقبل منه قثم ، واعتزلا الصلاة فاختار الناس شيبة بن عثمان العبدري صاحب مفاتيح الكعبة فصلّى بهم حتى انقضى الحج.
فلمّا انقضى الحج رجع يزيد الرهاوي إلى الشام. ثمّ قدم خيل الإمام عليهالسلام وعليهم معقل بن قيس الرياحي التميمي ، ورأوا الشاميين قد رجعوا ، فتبعوهم فأدركوهم بعد وادي القرى فاقتطعوا من أواخرهم عددا منهم أخذوهم أسارى (١) وبذلك انتهت سنة (٣٩ ه) ودخلت سنة أربعين.
__________________
(١) الغارات ٢ : ٥١٠ ـ ٥١١ ، وفي الكامل لابن الأثير في حوادث السنة (٣٩ ه) قال : ولمّا قدم يزيد بن شجرة الرهاوي على معاوية ـ وعلم بأسر أولئك النفر منهم ـ وجّه الحارث بن نمير التنوخي أمير مقدمتهم إلى الجزيرة في شمال العراق ليأتيه بجمع ممّن هو في