الإمام في معسكر النخيلة :
ولما عسكر الإمام في النخيلة كتب إلى ابن عباس بالبصرة : «أما بعد ، فإنا قد خرجنا إلى معسكرنا بالنخيلة ، وقد أجمعنا على المسير إلى عدوّنا من أهل المغرب (الشام) فاشخص بالناس حين يأتيك رسولي ، وأقم حتّى يأتيك أمري ، والسلام» وبعث به مع عتبة بن الأخنس السعدي البكري.
وخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أما بعد ، فإنه من ترك الجهاد في الله وأدهن في أمره كان على شفا هلكة ، إلّا أن يتداركه الله بنعمة. فاتقوا الله وقاتلوا من حادّ الله وحاول أن يطفئ نور الله ، قاتلوا الخاطئين الضالين «القاسطين المجرمين» الذين ليسوا بقرّاء للقرآن ولا فقهاء في الدين ، ولا علماء في التأويل ، ولا أهل سابقة في الإسلام ، والله لو ولوا عليكم لعملوا فيكم بأعمال كسرى وهرقل!
تيسّروا وتهيّئوا للمسير إلى عدوّكم من أهل المغرب (الشام).
وقد بعثنا إلى إخوانكم من أهل البصرة ليقدموا عليكم ، فإذا قدموا فاجتمعتم شخصنا إن شاء الله ، ولا حول ولا قوة إلّا بالله (١).
ابن عباس والناس بالبصرة :
فلمّا وصله الكتاب دعا الأحنف بن قيس التميمي وأخبره وأمّره ، ثمّ قرأ الكتاب على الناس وأمرهم بالشخوص مع الأحنف ، فشخص منهم ألف وخمسمائة رجل ، فاستقلّهم ابن عباس ، فدعا جارية بن قدامة السعدي التميمي وأخبره وأمّره.
ثمّ خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم : أما بعد يا أهل البصرة ، فإنه جاءني أمر أمير المؤمنين يأمرني بإشخاصكم ، فأمرتكم بالنفير إليه مع الأحنف بن قيس ، فلم يشخص معه منكم إلّا ألف وخمسمائة ، وأنتم ستون ألفا ،
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٧٨ عن أبي مخنف ، وفي الإمامة والسياسة ١ : ١٤٤.