فاستخلف مالك لعمله شبيب بن عامر الأزدي ، وأقبل مالك إلى الإمام عليهالسلام حتّى دخل عليه ، فحدّثه حديث مصر وأخبره خبر أهلها وقال له : فليس لها غيرك! فاخرج إليها رحمك الله ، فإنّي إن لم اوصك اكتفيت برأيك ، واستعن بالله على ما أهمّك ، اخلط الشدّة باللين ، وارفق ما كان الرفق أبلغ ، واعتزم على الشدّة حين لا يغني عنك إلّا الشدّة (١).
الإمام يشاور الأشتر :
روى المعتزلي ، عن المدائني ، عن فضيل بن الجعد قال : شكا علي عليهالسلام إلى الأشتر تخاذل أصحابه وفرار بعضهم إلى معاوية!
فقال له الأشتر : يا أمير المؤمنين ، إنّا قاتلنا أهل البصرة بأهل البصرة وأهل الكوفة ورأي الناس واحد ، وإنّما اختلفوا بعد وتعادوا ، وضعفت النية وقلّ العدد (لأنّك) تأخذهم بالعدل وتعمل فيهم بالحقّ ، وتنصف الوضيع من الشريف ، فليس للشريف عندك فضل منزلة على الوضيع (ولذلك) ضجّت طائفة ممّن معك من الحقّ إذ عمّوا به ، واغتمّوا من العدل إذ صاروا فيه إذ تساووا فيه ، ورأوا صنائع (إحسان) معاوية عند أهل الشرف والغناء ، فتاقت أنفسهم إلى الدنيا ، وقلّ من ليس للدنيا بصاحب! وأكثرهم يبيع الحقّ ويشتري الباطل ويؤثر الدنيا.
فيا أمير المؤمنين ، إنّك إن تبذل هذا المال تميل إليك أعناق الرجال! وتصفو نصيحتهم وتستخلص ودّهم! ثمّ قال له : صنع الله لك يا أمير المؤمنين ، وكبت أعداءك وفضّ جمعهم ، وأوهن كيدهم وشتّت أمورهم ، إنّه بما يعملون خبير.
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٥٧ ـ ٢٦٤ ، وتاريخ الطبري ٥ : ٩٩ ـ ١٠٠ عن أبي مخنف بسنده.