ألا وإنّ معاوية قد دعا لأمر ليس فيه عزّ ولا نصفة ، فإن أردتم الموت رددناه إليه وحاكمناه إلى الله عزوجل بظباة السيوف! وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا؟» وسكت.
فناداه القوم من كل جانب : البقية البقية (١) ونادى القوم بأجمعهم : بل البقية والحياة (٢).
كتب وشروط للحسن عليهالسلام :
روى الصدوق عن ابن بحر الشيباني : أن الحسن عليهالسلام كتب من فوره ذلك إلى معاوية : «أما بعد ، فإن خطبي انتهى إلى اليأس من حقّ احييه وباطل أميته! وخطبك خطب من انتهى إلى مراده! وانني اعتزل هذا الأمر (الخلافة) واخلّيه لك ، وإن كان تخليتي إياه شرّا لك في معادك ، ولي شروط أشرطها ، لا تبهضنّك إن وفيت لي بها بعهد ، ولا تخفّ إن غدرت. وستندم ـ يا معاوية ـ كما ندم غيرك ممن نهض في الباطل أو قعد عن الحقّ حين لا ينفع الندم ، والسلام» وكتب الشروط في كتاب آخر يمنّيه بالوفاء وترك الغدر (٣).
وروى ذلك الكتاب والشروط بطريقه إلى يوسف بن مازن الراسبي الهمداني قال : بايع الحسن بن علي (صلوات الله عليه) ومعاوية على أن لا يسمّيه أمير المؤمنين. ولا يقيم عنده شهادة ، وعلى أن لا يتعقّب معاوية على شيعة عليّ شيئا. وعلى : أن يفرّق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل ، وأولاد من قتل مع أبيه بصفين
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ، الإمام الحسن عليهالسلام : ١٧٨ ـ ١٧٩ ، والكامل في التاريخ ٣ : ١٧٦.
(٢) أعلام الدين للديلمي : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ مرسلا.
(٣) علل الشرائع ١ : ٢٦٠ ، الباب ١٦٠ عن كتاب الفروق بين الأباطيل والحقوق للشيباني.