فأخذها ورفعها وقال : ما كذبت ولا كذبت (١) ثمّ رفع بعضهم هذه اليد المخدجة ونصبها على رمح ليراها الناس. وبعد أن صلّوا العصر جعل الإمام عليهالسلام يكثر من قول : صدق الله وبلّغ رسوله ، وجعل أصحابه يردّدون ذلك معه حتى قرب الغروب (٢).
وقال عليهالسلام وهو ينظر قتلى الخوارج : بؤسا لكم! لقد ضرّكم من غرّكم!
فقيل : يا أمير المؤمنين ، ومن غرّهم؟ قال : الشيطان المضلّ ، والأنفس الأمّارة بالسوء. غرّتهم بالأماني وفسحت لهم بالمعاصي ، ووعدتهم الإظهار فاقتحمت بهم في النار (٣)!
ثمّ أراد المسير إلى الشام :
روى الثقفي قال : لمّا فرغ الإمام عليهالسلام من قتال الخوارج في النهروان قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثمّ قال : «أمّا بعد ، فإنّ الله قد أحسن إليكم فأعزّ نصركم ، فتوجّهوا من فوركم هذا إلى عدوّكم من أهل الشام (٤) إلى معاوية وأشياعه القاسطين ، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ، فبئسما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون» (٥).
وكانت الغزوة في البرد الشديد ... وكان أهل النهروان قد أكثروا الجراحات في الناس (٦).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٩٢.
(٢) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ٢ : ٢٧٦ عن كتاب صفين لابن ديزيل.
(٣) نهج البلاغة خ ٣٢٣ ، ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٤٠٧ ، الحكمة : ١٨٥.
(٤) الغارات ١ : ٢٣ ـ ٢٤.
(٥) الامامة والسياسة ١ : ١٤٩.
(٦) الغارات ١ : ٢٧ ـ ٢٨.