وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قبلك من ذوي العيال والمجاعة ، مصيبا به مواضع الفاقة والخلّات ، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسّمه فيمن قبلنا.
ومر أهل مكة : أن لا يأخذوا من ساكن (في دورهم) أجرا! فإن الله سبحانه يقول : (سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ)(١) فالعاكف : المقيم به ، والبادي : الذي يحجّ إليه من غير أهله. وفّقنا الله وإياكم لمحابّه ، والسلام» (٢).
وفي ذي الحجة بدأت المبارزات :
مرّ أن الإمام عليهالسلام خرج إلى الشام لخمس مضين من شهر شوال سنة (٣٦ ه) ، فيبدو أنهم بعد وصولهم إلى صفين ومقاتلتهم على الماء مكثوا يتراسلون حتّى مضى شهر ذي القعدة ، فلما كان ذو الحجّة بدأ الإمام يأمر بعض الشرفاء بالخروج للقتال فيخرج ومعه جماعة ، فيخرج إليه من أصحاب معاوية بعضهم فيتقاتلون ثمّ ينصرفون ، وربما اقتتلوا في اليوم الواحد مرّتين في أوله وآخره. فاقتتلوا ذا الحجة كلّه ، فلما أقبل شهر المحرم لسنة (٣٧ ه) تداعى الناس إلى أن يكفّ بعضهم عن بعض إلى أن ينقضي المحرم ، لعلّ الله أن يجري صلحا واجتماعا. فكفّ الناس بعضهم عن بعض (٣).
المحرّم (٣٧ ه) والوفد الرّباعي :
وأرسل علي عليهالسلام إلى زياد بن خصفة التيمي ، وشبث بن ربعي التميمي ،
__________________
(١) سورة الحج : ٢٥.
(٢) نهج البلاغة ك ٦٧.
(٣) وقعة صفين : ١٩٥ ، ١٩٦.