فقال عليهالسلام : أما أنا فلا أقول ذلك. فقاما وقالا : فمن لم يشهد أن عثمان قتل مظلوما فنحن براء منه! ثمّ انصرفا. فقرأ عليهالسلام قوله سبحانه : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ* وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ)(١) ثمّ التفت إلى أصحابه وقال لهم : لا يكون هؤلاء بأولى في الجدّ في ضلالتهم منكم في حقكم وطاعة إمامكم.
ثمّ مكث الناس حتّى دنا انقضاء شهر محرم (٢).
إعلان الحرب :
فلما انسلخ المحرّم واستقبل شهر صفر من سنة سبع وثلاثين ـ عند غروب الشمس ـ بعث علي عليهالسلام نفرا من أصحابه حتّى إذا كانوا من عسكر معاوية حيث يسمعونهم الصوت ، فنادوا :
يا أهل الشام ، إنّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يقولون لكم : إنّا والله ما كففنا عنكم شكّا في أمركم ولا بقيا عليكم ، وإنما كففنا عنكم لخروج المحرّم ، ثمّ انسلخ ، وإنّا قد نبذنا إليكم على سواء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ)(٣).
ألا إن أمير المؤمنين يقول لكم : إني قد استدمتكم واستأنيت بكم لتراجعوا الحقّ وتنيبوا إليه ، واحتججت عليكم بكتاب الله ودعوتكم إليه ، فلم تتناهوا عن طغيان ولم تجيبوا إلى حقّ وإني قد نبذت إليكم على سواء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ)(٤).
__________________
(١) سورة النمل : ٨٠ ـ ٨١.
(٢) وقعة صفين : ٢٠٠ ـ ٢٠٢.
(٣) الأنفال : ٥٨.
(٤) سورة الأنفال : ٥٨.