حوار الحكمين :
فأرسل معاوية القرشيين القادمين إليه أخيرا : عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن هشام ، وعبد الرحمن بن الأسود الزهري ، والمغيرة بن شعبة ، وأبا الجهم بن حذيفة العدوي ليشهدوا التحكم ، وكان عبد الله بن عمرو حاضرا مع أبيه ابن العاص. وصرّح الأشعري بشعور ضميره لصهره عبد الله بن عمر قال لعمرو : يا عمرو ، هل لك في أمر هو للأمة صلاح ، ولصلحاء الناس رضا؟ نولّي هذا الأمر عبد الله بن عمر ، الذي لم يدخل في شيء من هذه الفتنة ولا هذه الفرقة؟ فقال له عمرو : فأين أنت عن معاوية؟! ألست تعلم أن عثمان قتل مظلوما؟ قال : بلى! قال لهؤلاء الشهود : اشهدوا! ثمّ قال : فما يمنعك من معاوية وليّ عثمان؟ وبيته في قريش ما قد علمت! فإن كنت تخشى أن يقول الناس : ولى معاوية وليست له سابقة ، فإنّ لك حجّة في ذلك تقول : إني وجدته وليّ عثمان الخليفة المظلوم ، والطالب بدمه ، الحسن السياسة! الحسن التدبير! وهو أخو أمّ حبيبة أمّ المؤمنين زوج النبيّ صلىاللهعليهوآله (ولعلّه أخذها من الأسير العراقي الأودي) وقد صحبه فهو أحد الصحابة! ثمّ إنّ ولي هو الأمر أكرمك كرامة لم يكرمك أحد مثلها قط! (تطميع خاصّ).
فقال أبو موسى : اتّق الله يا عمرو! أما ذكرك شرف معاوية ، فإنّ هذا الأمر ليس يولّاه أهله على الشرف ، ولو كان على الشرف كان أحقّ الناس بهذا الأمر : أبرهة بن الصباح الحميري (؟!) ولو كنت أعطيه أفضل قريش شرفا لأعطيته عليّ بن أبي طالب (فلا يعطيه)! وإنما هو لأهل الفضل في الدين!
وأما قولك : إنّ معاوية وليّ عثمان فولّه هذا الأمر ، فإني لم أكن أولّيه معاوية وأدع المهاجرين الأوّلين!
وأما تعريضك لي بالولاية والسلطان : فو الله لو خرج لي معاوية من سلطانه ما ولّيته ، فإني ما كنت لأرتشي في الله! ولكنّك إن شئت أحيينا سنّة عمر بن الخطاب!