فأقبلوا إليّ حين يأتيكم كتابي هذا بجندكم وجهدكم وحسن عدّتكم ، فقد أصبتم ـ بحمد الله ـ الثأر! وبلغتم الأمل! وأهلك الله أهل البغي والعدوان! والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فاجتمعت العساكر إليه. فسار قاصدا إلى العراق حتّى بلغ منبج على الفرات (١).
خطبة الحسن عليهالسلام للجهاد :
فلما وصل معاوية إلى جسر منبج جاء خبره الحسن عليهالسلام فنادى مناديه : الصلاة جامعة! وقال الإمام لأصحابه : إذا رضيتم جماعة الناس فأعلموني. وأقبل الناس يجتمعون حتّى رضوا جماعتهم فتقدّم سعيد بن قيس الهمداني للإمام بالخروج إليهم ، فخرج إليهم حتّى صعد المنبر.
فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم : «أما بعد ، فإن الله كتب الجهاد على خلقه وسمّاه كرها! ثمّ قال لأهل الجهاد من المؤمنين : (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)(٢) فلستم ـ أيّها الناس ـ نائلين ما تحبّون إلّا بالصبر على ما تكرهون.
إنّه بلغني أن معاوية بلغه : أنّا كنّا أزمعنا على المسير فتحرك لذلك ، فاخرجوا ـ رحمكم الله ـ إلى معسكركم بالنخيلة حتى نرى وتروا وننظر وتنظرون».
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٨ ، وفي تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٤ : أن مسيره كان بعد قتل الإمام بثمانية عشر يوما! وفيه : أن ذلك كان بعد أربعة أشهر ، وهذا هو الصحيح! ومنبج في شرقي حلب إلى العراق بعشرة فراسخ (٥٥ كم) بناها كسرى لما غلب على الروم في الشام ، فهي معرّبة عن الفارسية. كما في معجم البلدان ٥ : ٢٠٥.
(٢) الأنفال : ٤٦.