غارة النعمان على عين تمر :
قبل نهاية السنة (٣٨ ه) بشهرين أو ثلاثة قال معاوية لمن حوله : أما من رجل أبعث معه بجريدة خيل ، حتّى يغير على شاطئ الفرات ؛ فإنّ الله يرعب بها أهل العراق! (وكأنّهم أعداء الله) فغزا الضحّاك بن قيس أرض العراق مع انصراف الحجّاج ثمّ انصرف إلى معاوية.
فتقدّم النعمان بن بشير الأنصاري الخزرجي إلى معاوية وقال له : ابعثني فإنّ لي في قتالهم هوى ونيّة! فقال له : فانتدب على اسم الله! وندب إليه ألفي رجل منهم ، وأوصاه : أن يتجنّب المدن والجماعات ، وأن لا يغير إلّا على مسلحة ، وأن يعجّل بالرجوع!
فخرج النعمان حتّى دنا من عين تمر ، وبها مالك بن كعب الأرحبي الهمداني ، وقد مرّ خبره معه من قبل ، وكذلك خبر إرسال الإمام لمالك الأرحبي لإغاثة ابن أبي بكر ولكنّه لم يدركه فرجع ، فيبدو أنّ الإمام بعد عودة مالك من تلك البعثة بعثه إلى مسلحة عين تمر ، وكان معه بها ألف رجل ، ولكنّه كان قد أذن لهم بزيارة أهلهم في الكوفة فتفرّقوا عنه إليها إلّا مائة منهم تقريبا!
فكتب مالك إلى الإمام عليهالسلام : أمّا بعد ، فإنّ النعمان بن بشير قد نزل إليّ في جمع كثيف ، فانظر ما ترى ، ثبّتك الله وسدّدك ، والسلام.
وقد مرّ خبر مشادّة مخنف بن سليم الأزدي مع شبث بن ربعي التميمي بمحضر الإمام عليهالسلام بشأن عشائرهما بالبصرة في أمر الحضرمي وزياد ، ويبدو أنّ الإمام بعد ذلك بعث مخنفا لجباية صدقات أراضي الفرات إلى بكر بن وائل (في الجزيرة) ومعه خمسون رجلا وفيهم ابنه عبد الرحمن ، وكان أقرب إلى عين تمر (١).
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٤٩ ـ ٤٥٠.