تشييعه ودفنه :
قال المفيد : فلما مضى الحسن عليهالسلام لسبيله غسّله الحسين عليهالسلام وكفّنه وحمله على سريره ولم يشك مروان (١) ومن معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلىاللهعليهوآله (٢).
فتجمعوا له ولبسوا السلاح. فلما توجّه به الحسين عليهالسلام إلى قبر جدّه ليجدّد به عهدا أقبلوا إليهم بجمعهم ، وخرجت إليهم عائشة على بغل وهي تقول : ما لي ولكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب (٣)! وجعل مروان يقول : يا ربّ هيجا هي خير من دعة! أيدفن عثمان بأقصى المدينة (البقيع) ويدفن الحسن مع النبيّ؟! لا يكون ذلك أبدا وأنا أحمل السيف! وكاد أن تقع الفتنة!
فبادر ابن عباس (٤) إلى مروان وقال له : ارجع يا مروان من حيث جئت ، فإنّا ما نريد أن ندفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لكنّا نريد أن نجدّد به عهدا بزيارته ثمّ نردّه إلى جدّته فاطمة فندفنه عندها بوصيّته بذلك ، ولو كان وصّى
__________________
(١) ولم يكن مروان في تلك الأوان عامل آل أبي سفيان بالمدينة ، كان قد تلكّأ في أخذ البيعة ليزيد فعزله معاوية وولّاها سعيد بن العاص ، وهو الذي صلّى على الحسن عليهالسلام حسب السنة الجارية كما في مقاتل الطالبيين : ٥٠.
(٢) ومن هنا نسب ذلك إلى وصية الحسن عليهالسلام ، كما في مقاتل الطالبيين مثلا : ٤٩.
(٣) خلافا لآية مودة قربى النبي صلىاللهعليهوآله : ٢٣ الشورى ، ولذا فقد كبرت الكلمة على بعضهم فروى : أن الحسن عليهالسلام كان قد أرسل إليها أن تأذن له أن يدفن مع جده فقالت : نعم ما بقي إلّا موضع قبر واحد! ولكن بني امية سمعوا بذلك فلبسوا السلاح وكذلك بنو هاشم! وبلغ ذلك الحسن فقال لهم : أما إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه ، ادفنوني إلى جانب امي فاطمة ـ أي جدّته بنت أسد ـ مقاتل الطالبيين : ٤٩.
(٤) وستأتي الأخبار عن عدم حضور ابن عباس عند وفاته بالمدينة.