أتاني أمر فيه للنفس غمّة |
|
وفيه اجتداع للأنوف أصيل |
مصاب أمير المؤمنين وهدّة |
|
تكاد لها صمّ الجبال تزول! |
ثمّ نادى العبسي قومه وقال : إني أحلف بالله لقد تركت تحت قميص عثمان أكثر من خمسين ألف شيخ خاضبي لحاهم بدموع أعينهم ، متعاقدين متحالفين أن ليقتلنّ قتلته في البرّ والبحر! وإني أحلف بالله ليقتحمنّها عليكم ابن أبي سفيان بأكثر من أربعين ألفا من خصيان الخيل فما ظنّكم بالفحول (١).
جرير والأشتر عند الأمير :
وكان الأشتر عند أمير المؤمنين عليهالسلام فقال له :
يا أمير المؤمنين ، أما والله لو كنت أرسلتني إلى معاوية لكنت خيرا لك من هذا الذي أرخى من خناقه ، حتّى لم يدع بابا يرجو روحه إلّا فتحه ، أو يخاف غمّه إلّا سدّه!
فقال جرير : والله لو أتيتهم لقتلوك ، وقد زعموا أنك من قتلة عثمان. وخوّفه من عمرو العاص وذي الكلاع الحميري وحوشب.
فقال الأشتر : يا جرير والله لو كنت أنا أتيته لحملت معاوية على خطّة أعجله فيها عن الفكر ، ولم يثقل عليّ عمل أولئك ولم يعيني جوابهم.
قال جرير : إذن فأتهم! قال الأشتر : الآن وقد أفسدتهم ووقع الشر بينهم!
يا أخا بجيلة ؛ إنّ عثمان اشترى منك دينك بهمدان (إذ جعله واليها) والله ما أنت بأهل أن تمشي حيّا ، إنّما أتيتهم لتتخذ عندهم يدا بمسيرك إليهم ، ثمّ رجعت إلينا من عندهم تهدّدنا بهم ، وأنت والله منهم ، ولا أرى سعيك إلّا لهم ،
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي الشافعي ١٤ : ٣٨ وليس في الموفّقيات المنشور.