خطبة الإمام بالمسير إلى الشام :
«الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدث الجليل! وأشهد أن لا إله إلّا الله وأنّ محمّدا عبده ورسوله. أمّا بعد ، فإنّ معصية الناصح الشفيق المجرّب تورث الحسرة وتعقب الندم. وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وهذه الحكومة بأمري ، ونخلت لكم رأيي «لو كان لقصير رأي» ولكنّكم أبيتم إلّا ما أردتم ، فكنت وأنتم كما قال أخو هوازن :
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى |
|
فلم يستبينوا الرشد إلّا ضحى الغد |
ألا إن هذين الرجلين الذين اخترتموهما حكمين قد نبذا حكم الكتاب وراء ظهورهما ، وارتأيا الرأي من قبل أنفسهما ، فأماتا ما أحيا القرآن وأحييا ما أمات القرآن ، ثمّ اختلفا في حكمهما ، فكلاهما لم يرشد ولم يسدّد ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين.
فاستعدّوا للجهاد وتأهّبوا للمسير ، وأصبحوا في معسكركم ـ يوم الاثنين إن شاء الله (١) ـ بالنخيلة ، وإنما حكّمنا من حكّمنا ليحكما بالكتاب ، وقد علمتم أنّهما حكما بغير الكتاب وبغير السنة ، فو الله لأغزونّهم ولو لم يبق أحد غيري لجاهدتهم» وأمر بعطاء الناس (٢) وسار في المحرم لسنة ثمان وثلاثين (٣). واستعمل على الكوفة : هانئ بن هوذة النخعي (٤).
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣٦٥ ، الحديث ٤٣٦ ، وتاريخ الطبري ٥ : ٧٧ كلاهما عن أبي مخنف ، وفي نهج البلاغة خ ٣٥ ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٣٨٠.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٤٣.
(٣) أنساب الأشراف ٢ : ٣٦٢.
(٤) أنساب الأشراف ٢ : ٣٧٥.