تحذير الإمام عليهالسلام :
فقام الإمام عليهالسلام وقال : «عباد الله! إني أحقّ من أجاب إلى كتاب الله ، ولكنّ معاوية وعمرو بن العاص ، وابن أبي معيط ، وحبيب بن مسلمة ، وابن أبي سرح ليسوا بأصحاب قرآن ولا دين ، وإني أعرف بهم منكم (فقد) صحبتهم أطفالا وصحبتهم رجالا ، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال! إنها كلمة حقّ يراد بها باطل! إنهم ـ والله ـ ما رفعوها أنهم يعرفونها ويعملون بها ، ولكنّها الخديعة والمكيدة والوهن! أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة فقد بلغ الحقّ مقطعه ولم يبق إلّا أن يقطع دابر (القوم) الذين ظلموا.
ويحكم! أنا أوّل من أجاب إلى كتاب الله وأوّل من دعا إليه ، ولا يسعني في ديني وليس يحلّ لي أن ادعى إلى كتاب الله (دعوة جادّة) فلا أقبله! وإني إنما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن فإنهم قد عصوا الله فيما أمرهم به ونقضوا عهده ونبذوا كتابه ... ولكنّي أعلمتكم أنهم قد كادوكم ، وأنهم ليسوا يريدون العمل بالقرآن» (١).
وفي خبر المنقريّ بسنده ، عن الجعفيّ ، عن الباقر أن عليا عليهالسلام دعا فقال : «اللهمّ إنّك تعلم أنّهم ما الكتاب يريدون فاحكم بيننا وبينهم ، إنّك أنت الحكم الحقّ المبين» فطائفة قالت : القتال! وطائفة قالت : المحاكمة إلى الكتاب ، ولا يحلّ لنا الحرب وقد دعينا إلى حكم الكتاب (٢) وقالوا : أجب القوم إلى ما دعوك إليه فإنّا قد فنينا (٣) وقالوا : أكلتنا الحرب وقتلت الرجال! نعم قال قوم : نقاتل القوم على
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٨٩ ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٢٣ : اقتتلوا إلى ارتفاع الضحى ثمّ رفعوا المصاحف ... فقال علي عليهالسلام : بلغهم ما فعلت من رفع المصحف لأهل الجمل ففعلوا مثله ، ولم يريدوا ما أردت ، فلا تنظروا إلى فعلهم. وانظر مروج الذهب ٢ : ٣٩١.
(٢) وقعة صفين : ٤٧٨ ـ ٤٧٩.
(٣) وقعة صفين : ٤٨٣.