وروى المفيد بسنده عن الأصبغ بن نباتة المجاشعي التميمي قال : لمّا ضرب ابن ملجم أمير المؤمنين عليهالسلام غدونا عليه في نفر من أصحابنا : أنا والحارث بن عبد الله الهمداني الأعور وسويد بن غفلة ومعنا جماعة آخرون ، وكان الباب مغلقا (فيبدو أنّه كان اليوم الثاني) فقعدنا على الباب ، فسمعنا البكاء من الدار فبكينا ، فخرج إلينا الحسن بن علي عليهماالسلام فقال لنا : يقول لكم أمير المؤمنين : انصرفوا إلى منازلكم. فانصرف القوم غيري.
واشتدّ البكاء في منزله فبكيت ، فخرج الحسن عليهالسلام فقال : ألم أقل لكم : انصرفوا! فقلت : لا والله يا ابن رسول الله ما تتابعني نفسي ولا تحملني رجلاي أن أنصرف حتى أرى أمير المؤمنين ، وبكيت. فدخل الدار ولم يلبث أن خرج فقال لي : ادخل.
فدخلت على أمير المؤمنين فإذا هو مستند معصوب الرأس بعصابة صفراء قد نزف دمه واصفرّ وجهه ، فما أدري وجهه أشدّ صفرة أم العصابة؟ فأكببت عليه فقبّلته وبكيت. فقال لي : لا تبك يا أصبغ فإنها والله الجنة! فقلت له : جعلت فداك ، إني أعلم والله إنك تصير إلى الجنة ، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين (١).
كتاب وصيّته عليهالسلام :
روى الهلاليّ العامري في كتابه أنّه شهد الإمام عليهالسلام حين أوصى إلى ابنه الحسن وأشهد عليه أهل بيته وجميع ولده ومنهم الحسين ومحمد ، ورؤساء شيعته ، فدفع إليه سلاحه وكتبه وقال له :
__________________
ـ الرضا عليهالسلام : أنّ عليا عليهالسلام عاد صعصعة في مرضه فقال له ذلك ، وأجابه صعصعة بمقاله هذا! فهل تكرّر مثله؟! وفي الكافي ٧ : ٤٩ أنّ الإمام أشهده على وصيّته.
(١) أمالي المفيد : ٣٥١ ، الحديث ٣ م ٤٢ ، وعنه الطوسي في أماليه : ١٢٢ ، الحديث ١٩١ م ٥ ، وللخبر تتمّة في الفضائل.