وصولهم إلى الجزيرة :
ثمّ مضى أمير المؤمنين عليهالسلام حتى وصل إلى الجزيرة ، وكان فيها بنو تغلب وبنو النّمر بن قاسط من ربيعة ، وكان وفد من بني تغلب قد أتى إلى علي عليهالسلام فصالحوه على أن يقرّهم على دينهم شريطة أن لا ينصّروا أبناءهم. وكان قد بلغه أنهم قد نقضوا هذا الشرط ، فقال عليهالسلام : قد بلغني أنهم قد تركوا ذلك ، فايم الله لئن ظهرت عليهم لأقتلنّ مقاتلتهم ولأسبينّ ذراريهم! ولكنّه لما دخل بلادهم استقبله منهم جماعة مسلمة كثيرة ، فسر بما رأى وتركهم (١).
وكان زياد بن النضر وشريح بن هانئ الحارثيان الهمدانيان اللذان سرّحهما الإمام عليهالسلام مقدّمة أمامه قد أخذا على شاطئ الفرات حتّى بلغا عانات (العانة) فبلغهما أن الإمام سلك سبيل الجزيرة وأن معاوية أقبل في جنود الشام ، وكان أهل عانة عثمانية مع معاوية فلما أراد أن يعبر منها حبسوا سفنهم وتحصنوا منهم! وكان الإمام قد نهاهم أن يبدءوا بقتال ، فرجعوا إلى هيت حتّى عبروا منها ، ثمّ لحقوا بالإمام بقرية دون قرقيسيا ، فقال عليهالسلام : مقدمتي تأتي ورائي؟! فشرح له شريح والنضر ما عرض لهما فقال لهما : قد أصبتم رشدكما (٢).
وبلغوا الرّقة :
ثمّ سار أمير المؤمنين عليهالسلام حتى وصل إلى الرّقة ، وكان سماك بن مخرمة الأسدي قد فارق الكوفة بمائة رجل من بني أسد ، ثمّ أخذ يكاتب قومه بني أسد حتّى لحق به منهم سبعمائة رجل كانوا عثمانية ففرّوا من الكوفة بآرائهم وأهوائهم إلى جانب معاوية (٣)!
__________________
(١) وقعة صفين : ١٤٦.
(٢) وقعة صفين : ١٥٢ ، ١٥٣.
(٣) وقعة صفين : ١٤٦.