وقبل مقتل الإمام بليلتين فجرا ناوله ابن ملجم كتابا ملفوفا فتحه الإمام ليقرأه فلم يستبنه للظلمة ، فلمّا صلّى فتحه فإذا فيه : أدعوك إلى التوبة من الشرك! أو أنابذك على سواء (أَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ)(١) فسأل عن صاحبها فلم يجبه أحد ، فقال : عليه لعنة الله! وبصق فيه ومحا الآية ثمّ رمى بالصحيفة (٢).
فجر مقتل الإمام عليهالسلام :
مكث الثلاثة أيّاما حتّى كانت ليلة الأربعاء (٣) أو ليلة الجمعة (٤) التاسع عشر من شهر رمضان (٥) فقال المرادي لقطام : هذه الليلة التي واعدت فيها صاحبيّ وواعداني أن يقتل كلّ واحد منّا صاحبه الذي يتوجّه إليه (٦)! وكانت قد أعدّت لثلاثتهم ثلاث قطع من الحرير فأخرجتها وألقتها إليهم ليعصّبوا صدورهم ، تقوية وتشجيعا كما كان يقال ، فتعصّبوا بها ، وتقلّدوا سيوفهم.
__________________
(١) يوسف : ٥٢.
(٢) مقتل الإمام لابن أبي الدنيا : ٣٣٠ عن الكلبي عن النخعي عن ابن ميثم التمار عن أبيه ظ ، عملا بظاهر لفظ الآية ٥٨ من الأنفال : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ) وكأنّه كان يرى أنّه قد أنذره بهذا فلا يكون قتله غيلة وفتكا وغدرا وخيانة محرّمة في الشريعة ؛ لأنّه قد أنذر ومن أنذر فقد أعذر! كما قالوا!
(٣) الإرشاد ١ : ١٩.
(٤) الطبري ٥ : ١٤٥ ، ومقاتل الطالبيين : ٢٠ عن أبي مخنف.
(٥) مقاتل الطالبيين : ٢٠ عن أبي مخنف ، وما اختاره واختاره المفيد في الإرشاد ١ : ١٩.
(٦) مقاتل الطالبيين : ٢٠ ، وذلك يعني أنّه كان أخبرهم عن المؤامرة ولم يخبرهم عن موعدها إلّا الليلة!