ولما فرغ عبد الله بن خازم السلمي البصري من تعقيب زياد بن عبيد في أوائل سنة (٤٢) وعاد إلى البصرة ، ضمّه ابن عامر إلى عبد الرحمن بن سمرة ووجّه به لفتوح خراسان ، فاتّجه إلى بلخ وبعد حرب شديدة افتتحها ، ثمّ صار إلى كابل فحاصرها ليالي حتّى توصّل إلى بوّابها ، فجعل له شيئا ليفتح الباب ففتحه ، فأدخل الحرب إلى المدينة حتّى طلبوا إليه الصلح ، فصالحهم ابن سمرة ، ثمّ خلف في خراسان ابن خازم وانصرف هو إلى البصرة (١).
وأمر معاوية لموسم الحجّ هذه السنة (٤٢) أخاه عنبسة (٢).
موسم الحج والاحتجاج على الحسن عليهالسلام :
مرّ الخبر قبل قليل عن أمر معاوية للمغيرة بإلزام زعماء الشيعة في الكوفة : سليمان بن صرد وعمرو بن الحمق الخزاعيّين مع حجر بن عدي الكندي بحضور صلاة الجماعة مع المغيرة ، فلعلّ هذا ونحوه من المضايقات حملتهم على أن اجتمعوا في موسم الحجّ بعد نحو سنتين من الصلح بالحسن عليهالسلام في المدينة.
فقال له سليمان : ما ينقضي تعجّبنا من بيعتك معاوية ومعك أربعون ألف مقاتل من أهل الكوفة ، كلهم يأخذ العطاء وهم على أبواب منازلهم! ومعهم مثلهم من أبنائهم وأتباعهم ، سوى شيعتك من أهل البصرة والحجاز ، ثمّ لم تأخذ لنفسك ثقة في العقد ولا حظّا من العطية! فلو كنت ـ إذ فعلت ما فعلت ـ أشهدت على معاوية وجوه أهل المشرق (العراق) والمغرب (الشام) وكتبت عليه كتابا بأن الأمر لك بعده ، كان الأمر علينا أيسر! ولكنّه أعطاك شيئا بينك وبينه! ثمّ لم يلبث أن قال
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢١٧ ـ ٢١٨.
(٢) تاريخ الطبري ٥ : ١٨٠.