وجهّز الإمام حجرا للفهري :
وبلغ ذلك الإمام عليهالسلام فخرج حتّى رقى المنبر فقال لهم فيما قال : «يا أهل الكوفة ، اخرجوا إلى العبد الصالح عمرو بن عميس ، وإلى جيوش لكم قد اصيب طرف منها ، اخرجوا فقاتلوا عدوّكم وامنعوا حريمكم إن كنتم فاعلين». فلم يردّوا عليه ردّا جميلا فقال لهم : «والله لوددت أنّ لي بكلّ مائة منكم رجلا منهم ، ويحكم اخرجوا معي ثمّ فرّوا عنّي إن بدا لكم ، فو الله ما أكره لقاء ربي على نيّتي وبصيرتي ، وفي ذلك روح لي عظيم وفرج من مناجاتكم ومقاساتكم ومداراتكم مثل ما تدارى البكار العمدة ، والثياب المتهرّئة ، كلّما خيطت من جانب تهتّكت على صاحبها من جانب آخر» ثمّ نزل.
ثمّ دعا حجر بن عدي الكندي فعقد له راية على أربعة آلاف ، ثمّ سرّحه ، فخرج يتعقّب الضحّاك بن قيس الفهري نحو السماوة ، ولقي بها امرأ القيس بن عديّ الكلبي صهر الحسين بن علي عليهماالسلام فدلّوه على مياه الطريق ، فلم يزل في أثر الضحّاك حتّى لقيه في بريّة الشام نحو تدمر (قبل حلب بخمسة أيام) فتواقفوا وتقاتلوا مساء حتى قتل من أصحاب الضحّاك تسعة عشر رجلا ومن أصحاب حجر رجلان وقرب المساء فحجز الليل بينهما ، فلمّا أصبح أصحاب حجر لم يجدوا لجيش الفهري أثرا (١) فعاد حجر إلى الكوفة.
كتاب عقيل وجوابه :
ويظهر أنّ الخبر عن غارة الضحّاك الفهري شاع أو أشاعه شيعة معاوية بأن أخذوا يتحدّثون للناس : أن الضحّاك أغار على الحيرة فاحتمل من أموالهم ما شاء
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٢٣ ـ ٤٢٦.