فهذا رأيي ، فما رأيك؟ ولا تحبس رسولي إلّا قدر مضيّ الساعة التي ينتظر فيها جواب كتابي هذا! أرشدنا الله وإياك! والسلام عليك ورحمة الله وبركاته!
فأجابه ابن العاص : أمّا بعد ، فقد بلغني كتابك فقرأته وفهمت رأيك الذي رأيته ، فعجبت له وقلت : إنّ الذي ألقاه في روعك وجعله في نفسك هو الثائر لابن عفّان والطالب بدمه ، وإنّه لم يك منّا ولا منك ولا رأى الناس رأيا أضرّ على عدوّك ولا أسرّ لوليّك من هذا الأمر الذي ألهمته ، منذ نهضنا في هذه الحروب ونادينا أهلها! فأمض رأيك مسدّدا ، وقد وجّهت الأريب الصليب الناصح غير الظنين ، والسلام (١).
ابن الحضرمي في البصرة :
فلمّا وصله كتاب عمرو كتب كتابا لأهل البصرة مع ابن الحضرمي ثمّ دعاه فقال له : يا ابن الحضرمي ، سر إلى البصرة ، فإنّ جلّ أهلها يرون رأينا في عثمان ويعظّمون قتله ، وقد قتلوا في الطلب بدمه فهم موتورون حنقون لما أصابهم ، ودّوا لو يجدون من يدعوهم ويجمعهم وينهض بهم في الطلب بدم عثمان! وانزل في مضر واحذر ربيعة وتودّد الأزد ، فإنّ الأزد كلّهم معك إلّا قليلا منهم ، واحذر من تقدّم عليه! وانع عثمان بن عفان وذكّرهم الوقعة التي أهلكتهم (الجمل) ومنّ لمن سمع وأطاع دنيا لا تفنى! وأثرة لا يفقدها حتّى يفقدنا أو نفقده.
فقال له ابن الحضرمي : أنا سهمك في كنانتك ، وأنا من قد جرّبت ، عدوّ أهل حربك وظهيرك على قتلة عثمان ، فوجّهني إليهم متى شئت! فقال له : اخرج غدا إن شاء الله وأعطاه كتابه إلى أهل البصرة ، ثمّ ودّعه وخرج من عنده.
__________________
(١) الغارات ٢ : ٣٧٦ ـ ٣٧٨ بسنده.