ولئن أطاعني فيك أمير المؤمنين ليحبسنّك وأشباهك في محبس لا تخرجون منه حتّى تستبين هذه الأمور ويهلك الله الظالمين!
يا أمير المؤمنين ؛ أليس قد نهيتك أن تبعث جريرا وأخبرتك بعداوته وغشّه!
ثم أقبل على جرير يشتمه! فقال جرير : والله وددت أنك كنت بعثت مكاني إذا والله لم ترجع! وخرج من عند أمير المؤمنين.
وكان من بني بجلة في الكوفة بطنان : بنو أحمس ، وكان منهم في الكوفة سبعمائة رجل شهدوا صفين ، وبنو قيس وهم رهط جرير ، ومن أشرافهم ثوير بن عامر ، فتوافق جرير وناس معه من قيس منهم ثوير أن يخرجوا من الكوفة إلى قرقيسيا فخرجوا إليها. فخرج علي عليهالسلام إلى داري جرير وثوير فأحرق مجلسهما وهدم شيئا منهما (١) وكانا ابني عم (٢) ثمّ كتب جرير كتابا إلى معاوية يخبره بما جرى وما نزل به ، وأنه يحبّ أن يقيم بجواره ، فكتب معاوية إليه بالمسير إليه والقدوم عليه ، فلحق به (٣).
وطمع معاوية في قيس :
سبق أن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الخزرجي لما أرسله الإمام عليهالسلام إلى مصر ، كان من رأيه الحازم أن بعث إلى الذين اعتزلوه وفي مقدمتهم مسلمة بن مخلّد الأنصاري وكان عثمانيا : أني لا اكرهكم على البيعة بل أدعكم وأكفّ عنكم. فحيث لم ينازع أحدا لم ينازعه أحد.
__________________
(١) وقعة صفين : ٥٩ ـ ٦٠.
(٢) الأخبار الطوال : ١٦١.
(٣) مروج الذهب ٣ : ٣٧٣ ، وتذكرة الخواص : ٨٢ ، وتوفي في ٥٤ ه في السّراة.