وإن أبيت أن تجعلني حكما فاجعلني ثاني أو ثالثا ، فو الله لا يحلّ عقدة إلّا عقدت لك أشدّ منها ، فإن قلت إني لست من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله فابعث رجلا من أصحاب رسول الله غير عبد الله بن قيس وابعثني معه. فعرض ذلك على الناس فأبو إلّا الأشعري!
فقال علي عليهالسلام : إن القوم أتوني بعبد الله بن قيس مبرنسا (لابس البرنس : القبعة) فقالوا لي : ابعث هذا فقد رضينا به! والله بالغ أمره (١)!
تقييد الكتابين :
لما اضطرّ «شيخ المظلومين» إلى التسليم للأمر الواقع وقال للعراقيين معه : فاصنعوا ما أردتم! دعوا عمرو بن العاص وكاتب معاوية عمير بن عبّاد الكناني (٢) وبحضور أمير المؤمنين عليهالسلام والأشعث الكندي والأحنف التميمي وآخرين ، فاملي على الكاتب فكتب : «هذا ما تقاضى عليه عليّ أمير المؤمنين» فقال له عمرو : اكتب اسمه واسم أبيه ، إنما هو أميركم ، وأما أميرنا فلا!
فقال الأحنف التميمي : يا أمير المؤمنين ، لا تمح اسم إمرة المؤمنين عنك ، فإني أتخوّف إن محوتها أن لا ترجع إليك أبدا! لا تمحها وإن قتل الناس بعضهم بعضا!
وقال الأشعث الكندي : (يا أمير المؤمنين) امح هذا الاسم!
وقام إليه رجل من أصحابه فقال : نهيتنا عن الحكومة ثمّ أمرتنا بها! فما ندري أيّ الأمرين أرشد؟! فصفق بإحدى يديه على الأخرى وقال : هذا جزاء
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٩٩ ـ ٥٠٢. وانظر وقارن : أنساب الأشراف ٢ : ٣٣٠ ، الحديث ٤٠٠.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨٩ ، وفي المناقب ٣ : ٢١٣ : عمير بن عبّاد الكلبي. وفي وقعة صفين : عميرة : ٥١١. وفي الإمامة والسياسة ١ : ١٣٣ : عمرو بن عبادة.