سفر الأشتر الأمير ومصيره :
لخبر لوم الأشتر لطارق النهدي في عتابه للإمام عليهالسلام لتنفيذه الحدّ الشرعي على شاعره اليماني النجاشي الحارثي ، قدمنا خبرهما ، وها نحن نعود إلى خبر سفر الأشتر :
أدرك عيون معاوية في العراق خبر سفر الأشتر فطاروا به إليه في الشام ، فعلم بمسير الأشتر إلى مصر من الحجاز إلى بحر القلزم (البحر الأحمر) حيث كانت ترسو السفن من الحجاز إلى مصر ، فأرسل إلى رجل من جباة الخراج يدعى : الجايستار ، وأخبره : أن الأشتر قد ولي على مصر ، فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت ، فاحتل له بما تقدر عليه!
فخرج الجايستار حتّى أتى القلزم وأقام به ، فلمّا وصله الأشتر أتاه الجايستار الذي دسّه معاوية فقال للأشتر : أنا رجل من أهل الخراج ، وهذا منزل فيه طعام وعلف فانزل فيه. فنزل الأشتر بذلك المنزل ، وأتاه الجايستار بطعام وعلف ، فلمّا أكل الطعام أتاه بشراب فيه عسل مسموم ، فشربها فمات بها.
وعن الشعبي : أن ذلك كان في عقبة أفيق (من قرى حوران إلى الغور من الأردن) وطلبوا الرجل ففاتهم! وعن الضبّي : أنه كان مولى لآل عمر ، وقيل : لآل عثمان.
وعن المدائني : أنّ معاوية قال لأهل الشام : أيها الناس ، إن عليّا قد وجّه الأشتر إلى أهل مصر ، فادعوا الله أن يكفيكموه! فكانوا يدعون الله عليه في دبر كل صلاة! حتّى عاد الذي سقاه السمّ فأخبره بمقتله ، فقام معاوية خطيبا فقال لهم : أما بعد ، فإنه كان لعليّ بن أبي طالب يدان يمينان ، فقطعت إحداهما في صفين (عمّار بن ياسر) وقطعت الأخرى اليوم وهو مالك الأشتر (١) ثمّ قال مشيرا إلى سبب قتله : إن لله لجندا من عسل (٢).
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٥٧ ـ ٢٦٤ ، وتاريخ الطبري ٥ : ٩٩ ، ١٠٠ عن أبي مخنف بسنده.
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ٣٠٤ خ ٤٨٤ وقال : ذلك في عين شمس قبل فسطاط بثلاثة