فقال مالك لابن حوزة الأزدي : إن أقرب من هاهنا إلينا من «شيعة» علي وأنصاره وعمّاله : مخنف بن سليم وقرظة بن كعب الأنصاري ، فاركض إليهما وأعلمهما حالنا وقل لهما فلينصرانا بما استطاعا!
قال ابن حوزة : فتركته وأصحابه وإنّهم ليترامون بالنبل أمام جدران القرية وحيطانها ، وجعلت أركض فرسي حتّى بلغت إلى قرظة الأنصاري فاستغثته فقال : إنّما أنا صاحب خراج وما معي أحد أغيثه به! فمضيت حتى بلغت مخنف بن سليم فأخبرته الخبر ، فدعا ابنه عبد الرحمن في خمسين رجلا فأغاثنا بهم ، فرجعت إلى مالك وأصحابه عصرا عند المساء وقد كسروا جفون سيوفهم واستسلموا للموت! فلمّا رآنا أهل الشام قد أقبلنا إليهم ظنّوا أنّ وراءنا مددا فأخذوا ينكصون عنهم ويرتفعون ، ورآنا مالك وأصحابه فشدّوا عليهم حتّى دفعوهم عن القرية ، وصرعنا منهم ثلاثة رجال ، وحال بيننا وبينهم الليل ، فارتفعوا وانصرفوا.
وكتب مالك بن كعب إلى الإمام عليهالسلام : أمّا بعد ، فقد نزل بنا النعمان بن بشير في جمع من أهل الشام كالظاهر (المنتصر علينا) وكنّا آمنين عمّا كان منهم (ولذا) كان عظم أصحابي متفرّقين ، فخرجنا إليهم فقاتلناهم حتّى المساء ، واستصرخنا مخنف بن سليم فبعث إلينا رجالا من «شيعة» أمير المؤمنين ، مع ولده عند المساء ، فنعم الفتى ونعم الأنصار ، فحملنا على عدوّنا وشددنا عليهم ، فأنزل الله علينا نصره وهزم عدوّه وأعزّ جنده ، والحمد لله رب العالمين ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته (١).
خطاب علي عليهالسلام وجواب عدي :
لكنّ الكتاب الأول لمالك الأرحبي لمّا بلغ إلى الإمام عليهالسلام صعد المنبر
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٥٦ ـ ٤٥٧ ، وفي الطبري ٥ : ٣٣ السنة (٣٩ ه) عن المدائني ، عن عوانة.