دينهم عن إخافة السبل وسفك الدماء! وارتدّوا إلى نصرانيتهم السابقة. فلقي الخرّيت اولئك وقال لهم : أتدرون ما حكم عليّ في من أسلم من النصارى ثمّ رجع إلى النصرانية؟ إنّه والله لا يسمع له قولا ولا يرى له عذرا ولا يدعوه إلى توبة ولا يقبل منه ذلك ، وإنّما حكمه فيه ساعة يستمكن منه ضرب عنقه! فلا ينجّيكم من القتل إلّا قتال هؤلاء والصبر عليه لهم! فما زال بهم بهذا ومثله حتّى خدعهم وجمعهم ، وهم كثير في تلك النواحي فاجتمع منهم إليه ناس كثير من كلّ هؤلاء! جمعهم بالخديعة والمكر ، وكان داهية منكرا (١)!
آخر وقعة مع بني ناجية :
فلمّا وصل كتاب الإمام عليهالسلام إلى معقل بتعقّب الخرّيت ، سار إليهم معقل بن قيس في ذلك الجيش من أهل الكوفة وأهل البصرة ، فأخذوا من رامهرمز إلى أرض فارس (شيراز) يمنة حتى انتهوا إلى أسياف البحر ، وهناك أخرج كتابا من الإمام عليهالسلام وقرأه عليهم وفيه :
من عبد الله علي أمير المؤمنين ، إلى من قرئ عليه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين ، والمارقين والنصارى والمرتدّين ، سلام على من اتّبع الهدى وآمن بالله ورسوله وكتابه والبعث بعد الموت ، وافيا بعهد الله ولم يكن من الخائنين.
أمّا بعد ، فإنّي أدعوكم إلى كتاب الله وسنّة نبيّه ، وأن أعمل فيكم بالحقّ وبما أمر الله تعالى به في كتابه ، فمن رجع منكم إلى رحله وكفّ يده واعتزل هذا المارق الهالك المحارب الذي حارب الله ورسوله والمسلمين وسعى في الأرض فسادا ، فله الأمان على ماله ودمه ، ومن تابعه على حربنا والخروج من طاعتنا استعنّا بالله عليه وجعلنا الله بيننا وبينه ، وكفى بالله وليّا ، والسلام.
__________________
(١) الغارات ١ : ٣٥٤ ـ ٣٥٧ عن عبد الله بن قعين أو فقيم ، كما في الطبري ٥ : ١٢٤ ـ ١٢٥.