فلا تخرجنّ من حقّ أنت أولى به حتّى يحول الموت دون ذلك! والسلام» (١).
فكتب الحسن عليهالسلام إلى معاوية يعلمه أنّ الناس قد بايعوه بعد أبيه ، ويدعوه إلى طاعته.
كتابه إلى معاوية :
«من عبد الله الحسن أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان ، سلام عليك ، فإني أحمد الله الذي لا إله إلّا هو. أما بعد ، فإن الله عزوجل بعث محمدا صلىاللهعليهوآله رحمة للعالمين ، ومنّة على المؤمنين ، وكافّة إلى الناس أجمعين (لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ)(٢).
فبلّغ رسالات الله وقام على أمر الله حتى توفاه الله غير مقصّر ولا وان ، حتى أظهر الله به الحقّ ومحق به الشرك ، ونصر به المؤمنين ، وأعزّ به العرب ، وشرّف به قريشا خاصة فقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ)(٣).
فلما توفى تنازعت العرب سلطانه : فقالت قريش : نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه ، ولا يحلّ لكم أن تنازعونا سلطان محمد في الناس وحقه. فرأت العرب : أن القول كما قالت قريش ، وأنّ الحجّة لهم في ذلك على من نازعهم أمر محمد صلىاللهعليهوآله ، فأنعمت لهم العرب ، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب لها : إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف والاحتجاج ، فلما صرنا أهل بيت محمد وأولياؤه
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ٢٣ ـ ٢٤ عن المدائني ، وقريب منه في الفتوح لابن الأعثم ٤ : ١٤٨ ، وأشار إليه البلاذري في أنساب الأشراف ٣ : ٣٠ ـ ٣٣ ، الحديث ٤٣ وذيل ٤٤ ، والحلبي في مناقب آل أبي طالب ٤ : ٣٦ عن أبي مخنف.
(٢) يس : ٧٠.
(٣) الزخرف : ٤٤.