ما قاتلناهم عليه أمس ، ولكن لم يقل هذا إلّا قليل منهم ، ثمّ لما ثارت الجماعة بالموادعة رجع هؤلاء عن قولهم إلى قول جماعتهم.
فقام أمير المؤمنين علي عليهالسلام وقال لهم : «إنّه لم يزل أمري معكم على ما أحبّ إلى أن أخذت منكم الحرب ، وقد ـ والله ـ أخذت منكم وتركت وأخذت من عدوّكم فلم تترك فهي فيهم أنكى وأنهك! ألا إني كنت بالأمس أميرا فأصبحت اليوم مأمورا! وكنت ناهيا فأصبحت منهيا! وقد أحببتم البقاء وليس لي أن أحملكم على ما تكرهون» ثمّ قعد.
ثم تكلّم رؤساء القبائل : فقام من ربيعة وهي الجبهة العظمى : كردوس بن هانئ البكري ، ثمّ شقيق بن ثور السّدوسي البكري أيضا ، ثمّ حريث بن جابر البكريّ أيضا ، ثمّ خالد بن المعمّر السدوسي البكري أيضا ، ثمّ الحضين بن المنذر الربعي (١).
وأقبل عديّ بن حاتم الطائي ثمّ قام عمرو بن الحمق الخزاعي ، فقام الأشعث بن قيس الكندي مغضبا (٢) مصرّا على الاستجابة لمعاوية والشاميّين ، فقال الإمام عليهالسلام إن هذا أمر ينظر فيه (٣)! وكان الأشعث هو سيّد كندة فلم يرض بالسكوت! بل كان من أشدّهم قولا لإطفاء الحرب والركون للموادعة! وأمّا سيّد همدان سعيد بن قيس فكان هكذا تارة وهكذا أخرى (٤).
الإمام عليهالسلام يستردّ الأشتر :
«وا سوء صباحاه» كلمة عربية أكثر ما تصدق ، تصدق على صباح يوم
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٨٤ ـ ٤٨٥ ، وفي نهج البلاغة خ ٢٠٨.
(٢) وفي تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٨٨ : وكان معاوية قد استماله وكتب إليه ودعاه إلى نفسه!
(٣) وقعة صفين : ٤٨٢.
(٤) وقعة صفين : ٤٨٤.