فقام ابن أبي بكر وخطب فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على محمّد وآله ، ثمّ قال :
أمّا بعد ، يا معاشر المؤمنين ، فإنّ القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة وينعشون الضلالة ، ويشبّون نار الفتنة ويستطيلون بالجبرية ، قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بالجنود ، فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجالدهم في الله! انتدبوا إلى هؤلاء رحمكم الله مع كنانة بن بشر (التجيبي الكندي) ومن يجيب معه من كندة.
فانتدب مع كنانة ألفا رجل فخرج بهم إلى عمرو ، فاستقبله عمرو وسرّح نحوه كتيبة بعد كتيبة ، فكان يشدّ على كلّ كتيبة بمن معه فيضربها حتّى يفلّها إلى عمرو ، فلمّا رأى عمرو ذلك بعث إلى معاوية بن حديج في عدد كثير وحاصروه ، فنزل كنانة واستشهد وضاربهم حتّى قتل وفلّ من معه (١).
وإلى الإمام وجواب الإمام :
لمّا بلغ كتابا معاوية وابن العاص إلى ابن أبي بكر ، كتب إلى الإمام عليهالسلام :
أمّا بعد ، فإنّ العاصي ابن العاصي قد نزل بأدانى مصر ، واجتمع إليه من أهل البلد كلّ من كان يرى رأيهم! وقد جاء في جيش جرّار! وقد رأيت ممّن قبلي بعض الفشل ، فإن كان لك في أرض مصر حاجة فامددني بالرجال والأموال ، والسلام. وضمّ إليه كتابهما إليه. فأجابه الإمام عليهالسلام :
أمّا بعد ، فقد جاءني رسولك بكتابك تذكر : أن ابن العاص قد نزل أداني مصر في جيش جرّار ، وأنّ من كان على رأيه قد خرج إليه. وإنّ خروج من كان يرى رأيه إليه خير لك من إقامته عندك.
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، وفي الطبري ٥ : ١٠٣ عن أبي مخنف.