ثمّ تقدم وقال لابنيه محمد وعبد الله : أخّروا الحاسرين وقدّموا الدّارعين ، ثمّ قدّم قيسا وكلبا وكنانة على الخيول ، وقرب حوله أهل اليمن ، وقعد هو على منبر وقال لهم : لا يقربنّ هذا المنبر أحد إلّا قتلتموه كائنا من كان!
وجعل معاوية بإزاء مذحج من العراق قبيلة عكّ ، وكانوا يقلبون الجيم كافا فطرحوا حجرا بين أيديهم وقالوا : لا نفرّ حتى يفرّ هذا الحكر (بالكاف).
وأمر الإمام كل قبيلة من أهل العراق أن تكفيه مثلها من أهل الشام.
فلما حضرت الحرب أتوه بفرسه فركبه وذكر أذكارا ودعا بدعوات كان منها : اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبيّنا ، وقلّة عددنا ، وكثرة عدوّنا ، وتشتّت أهوائنا ، وشدة الزمان بنا ، وظهور الفتن بيننا ، فأعنّا (على ذلك) بفتح تعجّله (وبضرّ تكشفه) ونصر تعزّه ، وسلطان حقّ تظهره ، ثمّ قال : سيروا على بركة الله (١).
بعض المبارزات :
وخرج رجل من أهل الشام إلى ما بين الصفّين فنادى : من يبارز؟ فخرج إليه رجل من أهل العراق فتقاتلا حتى تعانقا فوقعا بين قوائم فرسيهما ، وغلب العراقي فجلس على صدر الشامي وكشف مغفره يريد ذبحه وتوقّف! فناداه أصحابه : أجهز عليه فنادى : هو أخي! فقالوا له : فاتركه فقال : لا إلّا أن يأذن لي أمير المؤمنين ، فاخبر به فأذن له فتركه ، ولكنّه عاد إلى معاوية (٢).
__________________
(١) وقعة صفين : ٢٢٦ ـ ٢٣١.
(٢) وقعة صفين : ٢٧٢ وليس كلّهم هكذا ، ففيه : أن ذا نواس العبدي ـ وكان من أهل الكوفة فلحق بمعاوية ـ خرج يسأل المبارزة! فخرج إليه ابن عمه الحارث العبدي فلما انتميا إلى عشائرهما من عبد قيس فعرف كلّ منهما صاحبه تتاركا : ٢٧٠ و : خرج