ثمّ أقام بسر أيّاما ثمّ استخلف عليهم أبا هريرة الدوسي وقال لهم : إنّ قوما قتل إمامهم بين ظهرانيّهم ليسوا بأهل أن يكفّ عنهم العذاب ، وإنّي قد عفوت عنكم وإن لم تكونوا أهلا لذلك! ولئن نالكم العفو منّي في الدنيا فإنّي لأرجو أن لا تنالكم رحمة الله في الآخرة ؛ وقد استخلفت عليكم أبا هريرة فإيّاكم وخلافه! وخرج إلى مكة (١).
بسر القرشي العامري في مكة :
ولمّا خرج بسر من المدينة إلى مكة قتل في طريقه رجالا وأخذ أموالا ، وبلغ خبره إلى أهل مكة فلمّا قرب منها هرب عامل علي عليهالسلام عليها : قثم بن العباس ، وتنحّى عنها عامّة أهلها.
واجتمع قوم من قريش فخرجوا يتلقّون بسرا ، فشتمهم ثمّ قال لهم : أما والله لو تركت ورأيي فيكم لما خلّيت فيكم روحا تمشي على الأرض! فقالوا له : ننشدك الله في أهلك وعشيرتك! فسكت.
ثمّ دخل وطاف بالبيت ثمّ صلّى ركعتي الطواف بالمقام ثمّ قام فخطبهم فقال لهم : الحمد لله الذي أعزّ دعوتنا وجمع الفتنا ، وأذلّ عدوّنا بالقتل والتشريد! هذا ابن أبي طالب بناحية العراق في ضنك وضيق! قد ابتلاه الله بخطيئته وأسلمه بجريريته ، فتفرّق عنه أصحابه ناقمين عليه ، وولي الأمر معاوية الطالب بدم عثمان. فبايعوا ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا! فبايعوا.
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٠٣ ـ ٦٠٨. وانظر أنساب الأشراف ٢ : ٣٥١ متنا وحاشية.