عقيصا وعويص أمر الصلح :
مرّ الخبر عن «وقعة صفين» في نبع العين لأمير المؤمنين عن أبي سعيد عقيصا من موالي تيم كان معه عليهالسلام ، ويبدو لي أنّه بعد ذلك سكن المدينة ، فروى الصدوق بسنده عنه قال :
قلت للحسن بن علي عليهالسلام : يا ابن رسول الله ، لم داهنت معاوية وصالحته؟ وقد علمت أنّ الحقّ لك دونه ، وأن معاوية ضالّ باغ؟!
فقال لي : يا أبا سعيد ، ألست حجّة الله «تعالى ذكره» على خلقه وإماما عليهم بعد أبي؟ قلت : بلى. قال : ألست الذي قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لي ولأخي : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا» (١) قلت : بلى. قال : فأنا ـ إذن ـ إمام لو قمت ، وأنا إمام ـ إذن ـ لو قعدت.
يا أبا سعيد ، علّة مصالحتي لمعاوية : علّة مصالحة رسول الله صلىاللهعليهوآله لبني ضمرة ، وبني أشجع ، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ، وأولئك كانوا كفارا بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل.
يا أبا سعيد ؛ إذا كنت إماما من قبل الله «تعالى ذكره» لم يجب (أو : يجب أن لا) يسفّه رأيي فيما أتيته من مهادنة أو محاربة ، وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبسا. ألا ترى الخضر لما خرق السفينة ، وقتل الغلام ، وأقام الجدار ، سخط موسى فعله
__________________
ـ أهل الحجاز ، وفسّر التياس بأنه الذي يبيع عسيب التيس أي ماء الفحل منه. وهو غير مناسب للمخاطب الحضرمي الشامي وليس الحجازي.
(١) احتجّ الإمام عليهالسلام هنا بهذا الحديث النبوي الشريف ، ولم يحتجّ قط بما رووه عن الصحابي أبي بكرة الثقفي عنه صلىاللهعليهوآله قوله في الحسن : «ابني هذا سيّد ، وسيصلح الله به بين طائفتين أو فئتين من أمتي» ولو صحّ عنه ذلك لكان أولى بالاحتجاج به ، ممّا يدلّ على اختلاقه ووضعه على لسانه كذبا.