المغيرة الثقفي وحجر الكندي :
مرّ الخبر عن وصية معاوية الأكيدة الشديدة على المغيرة عند توليته الكوفة بعدم الكفّ عن الكفر بسبّ إمام الإيمان أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكيفية مقالة المغيرة في ذلك.
فروى الطبري ، عن الكلبي ، عن أبي مخنف ، عن الشعبي ـ وهو يمدح المغيرة ـ أنّ حجر بن عدي الكندي لما سمع المغيرة قال ذلك قام فقال : إنّ الله عزوجل يقول : (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ)(١) فأنا أشهد أنّ من تذمّون وتعيّرون لأحقّ بالفضل ، وأن من تزكّون وتطرون أولى بالذم!
فقال له المغيرة : يا حجر! ويحك! اتّق السلطان ، اتّق غضبه وسطوته ، فإنّ غضبة السلطان أحيانا مما يهلك كثيرا أمثالك! ثمّ يصفح عنه.
ودعا المغيرة يوما على قتلة عثمان ، وقد بلغ الكبر ، فقام حجر عليه ونعر نعرة أي صيحة شديدة قال له : أيها الإنسان ، إنك لا تدري بمن تولع من هرمك! أصبحت مولعا بذمّ أمير المؤمنين وتقريظ المجرمين! وقد حبست عنّا أرزاقنا وليس ذلك لك ، ولم يكن يطمع في ذلك من كان قبلك فأمر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا. فقام معه أكثر من ثلثي الناس يتنادون : برّ والله حجر وصدق ، مر لنا بأرزاقنا وأعطياتنا ، فانا لا ننتفع بقولك هذا ولا يجدي علينا شيئا! فسكت المغيرة ونزل ودخل.
فدخل عليه قومه فكان أشدّهم عليه عبد الله بن أبي عقيل الثقفي عظّموا عليه أمر حجر وقوله وجرأته عليه وسخط معاوية عليه إذا بلغه ذلك ووهن سلطانه.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، والآية ١٣٥ من سورة النساء.