وفي شتاء سنة (٤٦ ه) أغزى معاوية عبد الرحمن بن خالد بن الوليد من عمله على حمص ثغور الروم ، فغزاهم وعاد ، وكان قد عظم شأنه بالشام ومال أهلها إليه لغنائه بأرض الروم وبأسه (١).
وبدأ معاوية يبدي قوله بكبر سنّه ودنوّ أجله ، يريد التمهيد ليزيد ، فخطبهم وقال : يا أهل الشام ، إنه قد كبرت سنّي وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاما لكم ، وإنما أنا رجل منكم فرأوا رأيكم! فقالوا : قد رضينا بعبد الرحمن ابن خالد بن الوليد! فشق ذلك على معاوية وأسرّها في نفسه ، وكان له طبيب نصراني أو يهودي مكين عنده يقال له : ابن أثال ، ومرض عبد الرحمن ، فأمر معاوية طبيبه أن يذهب إليه فيسقيه ما يقتله به! فأتاه وسقاه فانخرق بطنه ومات بحمص ، فولّاه معاوية خراجها ووضع عنه خراجه (٢).
__________________
(١) الطبري ٥ : ٢٢٧ ونحوه في اليعقوبي ٢ : ٢٢٣.
(٢) انظر الغدير ١٠ : ٢٣٣ عن ترجمة عبد الرحمن في الاستيعاب ؛ لأنه كان قد أدرك النبيّ فعدّه في الأصحاب. وقال : ثمّ دخل أخوه المهاجر بن خالد دمشق مستخفيا ، وكان ابن أثال يسمر عند معاوية فخرجوا من عنده ومعه قوم ، فهجم المهاجر وغلامه عليهم فهرب القوم وقتل ابن أثال. ونقل عن الأغاني قال : قتله خالد بن المهاجر ، وأخذ إلى معاوية فقال له : لا جزاك الله من زائر خيرا! قتلت طبيبي؟! فقال : قتلت المأمور وبقي الآمر! وقال أبو عمر : وهي قصة مشهورة في أهل العلم بالآثار والأخبار ، ومنهم النميري البصري في أخبار المدينة. يعني تاريخ المدينة المحقق والمنشور ولكن ليس هذا فيه! وفي اليعقوبي ٢ : ٢٢٣ : قتله خالد بن عبد الرحمن بإثارة المنذر بن الزبير بن العوّام! فحبسه معاوية أياما حتى أدّى ديته فأطلقه ، وانظر الطبري ٥ : ٢٢٤ عن النميري البصري ، عن المدائني البصري.