(تهالكوا) في الضلال! فجاهدناهم واستنصرنا الله عليهم ، فضرب الله وجوههم وأدبارهم ومنحنا أكتافهم ، فقتل محمّد بن أبي بكر وكنانة بن بشر ، والحمد لله رب العالمين ، والسلام (١).
خبر محمد في الشام والكوفة :
كان للإمام عليهالسلام عين في الشام يدعى عبد الرحمن بن شبيب الفزاري ، وقدم المبشّرون من مصر إلى معاوية بدمشق يتبع بعضهم بعضا بفتح مصر وقتل ابن أبي بكر ، حتّى رقى معاوية المنبر وأخبر بقتله أهل الشام ففرحوا بذلك فرحا شديدا! وخرج الفزاري إلى الإمام. وكان الحجّاج بن غزية الأنصاري بعد صفّين في مصر ، فقد ما الكوفة على علي عليهالسلام في يوم واحد فقال له الفزاري : يا أمير المؤمنين! ما رأيت يوما قط سرورا بمثل سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك ابن أبي بكر!
فقال الإمام عليهالسلام : أمّا إنّ حزننا على قتله على قدر سرورهم به! لا بل يزيد أضعافا! وحدّثه الأنصاري بما شهد وعاين من هلاك محمد ، فحزن الإمام عليهالسلام على محمد بن أبي بكر حتّى رئي ذلك وتبيّن في وجهه ، ثمّ قام خطيبا في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
ألا وإنّ مصر قد افتتحها الفجرة أولياء الجور والظلم ، الذين صدّوا عن سبيل الله وبغوا الإسلام عوجا ، ألا وإنّ محمّد بن أبي بكر قد استشهد رحمهالله فعند الله نحتسبه ، أما والله لقد كان ـ ما علمت ـ ينتظر القضاء ويعمل للجزاء ، ويبغض شكل الفاجر ويحبّ هدي المؤمن.
__________________
(١) الغارات ١ : ٢٨٨ ، وفي الطبري ٥ : ١٠٥ عن أبي مخنف بسنده ، وانفرد الأندلسي في العقد الفريد ١ : ١٢٣ بأن رأسه أرسل إلى معاوية فطيف به في دمشق ، فكان أوّل رأس طيف به في الإسلام.