ابن الحضرمي بمن نصره وأعانه من الأزد ، ففضّه واضطرّه إلى الدار في عدد كثير من أصحابه ولم يخرج منه. فقتل ابن الحضرمي وأصحابه ، منهم من القي عليه الجدار ، ومنهم من هدم البيت عليه من أعلاه ، ومنهم من قتل بالسيف ، ومنهم من احرق بالنار! ونفر منهم تابوا وأنابوا فصفح عنهم وسلموا ، فبعدا لمن عصى وغوى ، والسلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فلمّا وصل كتاب زياد إلى الإمام عليهالسلام سرّ بذلك وقرأه على أصحابه فسرّوا بذلك ، وأثنى على الأزد وعلى جارية (ومن معه من بني تميم) وذمّ البصرة فقال : إنها أول القرى خرابا إمّا حرقا وإمّا غرقا ، حتّى يبقى مسجدها كجؤجؤ السفينة! ثمّ التفت إلى ظبيان البصري وسأله : أين منزلك منها؟ قال : قلت : بمكان كذا ، فقال عليهالسلام : عليك بضواحيها ، عليك بضواحيها (١).
ثمّ عاد جارية السعدي التميمي بمن معه إلى الكوفة.
زياد لفارس وكرمان :
مرّ في أخبار آثار حرب صفّين : أنّه كان من آثارها اختلال امور فارس وكرمان ، وأن ابن عباس اقترح على الإمام عليهالسلام أن يرسل لإخضاعها زيادا وبعثه.
وكأنّ ذلك تكرّر مرة اخرى مع اختلال أمر البصرة : كما روى الطبري بسنده عن عليّ بن كثير قال : لما أقبل ابن الحضرمي إلى البصرة فاختلف الناس في عليّ عليهالسلام ، طمع أهل فارس وكرمان في كسر الخراج ، فتغلّب أهل كل ناحية على ما يليهم فأخرجوا عمّالهم.
__________________
(١) الغارات ١ : ١٩١ و ٢ : ٤١٠ ـ ٤١٢ وقارن بما عن النميري البصري عن المدائني البصري في الطبري ٥ : ١١٢.