يستأذنه في ذلك ، هذا وقد بلغ الإمام أن بعض أهل المدينة خرجوا إلى معاوية فكتب إليه : أما بعد ، فإنّه بلغني أن رجالا من أهل المدينة يخرجون إلى معاوية ، فلا تأسف عليهم ، فكفى لهم غيّا ولك منهم شافيا : فرارهم من الهدى والحقّ ، وإيضاعهم (إسراعهم) إلى العمى والجهل! وإنما هم أهل دنيا مقبلون عليها ، وقد علموا أن الناس مقبلون في الحق اسوة فهربوا إلى الأثرة ، فسحقا لهم وبعدا! أما لو بعثرت القبور وحصّل ما في الصدور ، واجتمعت الخصوم وقضى الله بين العباد بالحق ؛ لقد عرف القوم ما يكسبون. ولقد بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون!
وقد أتاني كتابك تسألني الإذن لك في القدوم ، فاقدم إذا شئت عفا الله عنّا وعنك ، ولا تذر خللا إن شاء الله تعالى ، والسلام (١).
فأضاف عمله إلى عمل قثم بن العباس على مكة وأراد الخروج إلى الكوفة ، فخاف قيس على نفسه من تهديد اولئك ، فشخص مع سهل إلى الكوفة (٢) فلما قدم على علي عليهالسلام أخبره بما كان في مصر من الخبر فصدّقه الإمام (٣) فبايعه قيس على الموت معه (٤).
أول شهر رمضان بالكوفة :
ولما حضر أول شهر رمضان بالكوفة على عهد الإمام عليهالسلام ، وكانت صلوات نوافل رمضان (التراويح) قد ابتدعت على عهد عمر ـ كما مرّ ـ فكان الناس
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ١٥٧ ح ١٧٠ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٠٣ ، وفي نهج البلاغة ك ٧٠.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٥٥٥ ، عن الزهري.
(٣) الغارات ١ : ٢٢٢.
(٤) الغارات ١ : ٢٢٣.