وصهره عبد الله بن جعفر :
وتقدّم إلى الإمام صهره عبد الله بن أخيه جعفر وقال له : يا أمير المؤمنين ، ما عندي شيء إلّا أن أبيع بعض دوابّي فلو أمرت لي بمعونة أو نفقة!
فقال له الإمام عليهالسلام : لا والله ما أجد لك شيئا إلّا أن تأمر عمّك أن يسرق فيعطيك (١)!
نعم ، كانت نفقته تأتيه من غلّته من ينبع من نواحي المدينة وكان طعامه الثريد بالزيت ويجلّله بتمر العجوة (من تمر المدينة) ويطعم الناس الخبز واللحم. ويضع يده على بطنه ويقول : والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لا تنطوي ثميلتي (طعامي في بطني) على شيء من خيانة ، ولأخرجنّ منها خميصا (جائعا)!
ويقول : يا أهل الكوفة ، إذا أنا خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن (٢) وكان يجعل سويقه في جراب يختمه مخافة أن يزاد فيه شيء.
وفي كلّ شهر رمضان كان يأمر بعض عمّاله أن يصنعوا للناس طعاما ، ووضعوا عنده خمسة وعشرين جفنة ، واتي إليه بقصعة عليها أضلاع ، فأخذ منها ضلعين وقال : تجزياني (٣) وكان أحيانا يأكل كسر خبز يابس بلبن حامض (٤) وكان يرى على وجه الرغيف قشار الشعير وهو يكسره وأحيانا يستعين لكسره بركبته.
قال سويد بن غفلة : رأيت ذلك وجاريته فضّة عند رأسه قائمة فقلت لها : يا فضة! أما تتقون الله في هذا الشيخ! لو نخلتم دقيقه (وكأنّه لم يسمعه) فسألها :
__________________
(١) الغارات ١ : ٦٦ ـ ٦٧.
(٢) الغارات ١ : ٦٨ ـ ٦٩.
(٣) الغارات ١ : ٨٢.
(٤) الغارات ١ : ٨٥.