فأراد معاوية أن يخفّف عنهم فقال له : أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد! فقال له : تعرف حمامة؟! ثمّ قام ورحل. فدعا معاوية بنسّابين من عرب الشام وسألهم عن حمامة فأقسما عليه أن لا يسألهما عنها! فأبى وأصرّ وهدّدهما وآمنهما فقالا : هي الجدة السابعة لأبي سفيان ، وكان لها بيت تؤتى فيه (١)!
والظاهر أنّ حضور عقيل في الشام كان بعد رحيل ابن العاص منها إلى مصر ، ولعلّه كان زائرا لمعاوية يوما بعد ورود عقيل ، فلمّا دخل عليهما عقيل قال معاوية لابن العاص : لأضحكنّك من عقيل ، فلمّا سلّم عقيل أجابه معاوية : مرحبا برجل عمّه أبو لهب! فقال عقيل : أهلا برجل عمته حمّالة الحطب. وهي أم جميل بنت حرب امرأة أبي لهب عمّة معاوية ـ فقال معاوية : يا أبا يزيد ، ما ظنّك بأبي لهب؟ قال : يا معاوية ، إذا دخلت النار فخذ على يسارك تجده مفترشا عمّتك حمّالة الحطب! أفناكح في النار خير أم منكوح؟ قال : والله كلاهما شرّ سواء.
وقال له الوليد بن عقبة : يا أبا يزيد غلبك أخوك على الثروة؟! قال : نعم وسبقني وإيّاك إلى الجنّة! فغضب الوليد وقال : والله لو أنّ أهل الأرض اشتركوا في قتل عثمان لارهقوا صعودا! وإنّ أخاك لأشدّ هذه الأمّة عذابا! أما والله إنّ شدقيه لمضمومان من دم عثمان! فقال له عقيل : صه! والله إنّا لنرغب بعبد من عبيده عن صحبة أبيك عقبة بن أبي معيط! وما أنت وقريش؟! والله ما أنت فينا إلّا كنطيح التيس (٢)!
__________________
(١) أمالي الطوسي : ٧٢٣ ، الحديث ١٥٢٥ م ٤٣ بسنده عن الصادق عليهالسلام ، ومرّ مثله في عدم منع الإمام له عن السفر إلى الشام عن مناقب الحلبي عن جمل أنساب الأشراف ، وكذا في ترجمته في أسد الغابة ، كما في ترجمته في قاموس الرجال ٧ : ٢٢٦ برقم ٤٩٢٨. ونقل الثقفي مثل ذيل الخبر بسند آخر.
(٢) الغارات ٢ : ٥٥١ ـ ٥٥٣.