أجل ، كانت هذه أولى غارات معاوية على أطراف حكومة الإمام عليهالسلام وكأنّها جرّأته على التفكّر في الغارة على مصر عساه يفي بها بوعده لابن العاص ، فإلى تلك الغارة.
غارة عمرو على مصر :
كان عمرو بن العاص قد بايع معاوية لقتال الإمام عليهالسلام على أنّ له مصر طعمة ما بقي ، فلمّا انصرف عمرو من أمر الحكمين بايع أهل الشام معاوية بالخلافة ، فما كان لمعاوية همّ إلّا مصر ، وقد بلغه خبر الخوارج.
فدعا معاوية عمرو بن العاص ، وبسر بن أبي أرطاة العامري القرشي ، وحبيب بن مسلمة والضحّاك بن قيس الفهريّين ، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي من قريش ، ومن غيرهم : أبا الأعور السلمي ، وحمزة بن مالك الهمداني ، وشرحبيل بن السمط الكندي.
ثمّ حمد الله وأثنى عليه وقال : أمّا بعد ، فقد رأيتم كيف صنع الله لكم في حربكم هذه على عدوّكم ، ولقد جاءوكم وهم لا يشكّون أنّهم يستأصلون بيضتكم ويحوزون بلادكم ، وما كانوا يرون إلّا أنّكم في أيديهم ، فردّهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا «وكفى الله المؤمنين القتال» حاكمتموهم إلى الله فحكم لكم عليهم.
ثمّ جمع لنا كلمتنا وأصلح ذات بيننا ، وجعلهم أعداء متفرّقين يشهد بعضهم على بعضهم بالكفر ويسفك بعضهم دم بعض. وقد رأيت أن أحاول حرب مصر فما ذا ترون؟
فقال عمرو : أرى أنّ أمر هذه البلاد ـ لكثرة خراجها وعدد أهلها ـ قد أهمّتك ، فدعوتنا لتسألنا عن رأينا في ذلك. فإن كنت لذلك دعوتنا وله جمعتنا فاعزم واصرم ، ونعم الرأي ما رأيت ، فإنّ في افتتاحها عزّك وعزّ أصحابك وكبت عدوّك وذلّ أهل الخلاف عليك. وقد أخبرتك عمّا سألت ، وأشرت عليك بما سمعت.