أنت أحقّ الناس بهذا الأمر فابسط يدك أبايعك! فكنت الذي أبيت ذلك مخافة الفرقة ؛ لقرب عهد الناس بالكفر والجاهلية ، وقد علمت ذلك من قول أبيك ، فإن تعرف من حقّي ما كان يعرفه أبوك تصب رشدك ، وإن لا تفعل فسيغني الله عنك (١).
وأما ما ذكرت من أمر عثمان وقطيعتي رحمه وتأليبي عليه! فإنّ عثمان عمل ما بلغك فصنع الناس ما قد رأيت ، وقد علمت أني كنت في عزلة عنه ، إلّا أن تتجنّ فتجنّ ما بدا لك (٢)!
وذكرت قتلته بزعمك وسألتني دفعهم إليك ؛ وما أعرف له قاتلا بعينه ، وقد ضربت هذا الأمر أنفه وعينيه فلم أر يسعني دفع من قبلي ممّن اتّهمته وأظننته إليك (٣) ولا إلى غيرك. ولعمري لئن لم تنزع عن غيّك وشقاقك لتعرفنّهم عن قليل يطلبونك ، ولا يكلّفونك أن تطلبهم في برّ ولا بحر ولا جبل ولا سهل (٤) إلّا أنه طلب يسوؤك وجدانه ، وزور لا يسرّك لقيانه! والسلام لأهله!» (٥).
تعليق رشيق :
نقل المعتزلي الشافعي عن شيخه النقيب الزيدي أنّه أملى عليه فكتب عنه تعليقا على مثل هذا الكتاب عنه عليهالسلام ، قال : كان معاوية لا يزال يكيد عليا عليهالسلام
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٢٨١ ووقعة صفين في آخر الرسالة.
(٢) وقعة صفين : ٩١.
(٣) أنساب الأشراف ٢ : ٢٨٢.
(٤) وقعة صفين : ٩١ وهنا ذكر خبر أبي سفيان معه.
(٥) نهج البلاغة ك ٩ ، ومصادره في المعجم المفهرس : ١٣٩٤ ، وانظر تعليق المعتزلي على كيفية السلام الأخير في شرح النهج ١٤ : ٥١.