وإذا نزلتم بعدوّ أو نزل بكم فليكن معسكركم قبال الأشراف (المرتفعة) أو سفوح الجبال أو أثناء الأنهار ، كي ما يكون ذلك لكم ردءا وتكون مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين.
واجعلوا رقباءكم في صياصي الجبال وبأعالي الأشراف ومناكب الهضاب ، يرون لكم ، لئلّا يأتيكم عدوّ من مكان مخافة أو أمن.
وإيّاكم والتفرّق فإذا نزلتم فانزلوا جميعا وإذا رحلتم فارحلوا جميعا ، وإذا غشيكم ليل فنزلتم فحفّوا عسكركم بالرماح والأترسة ، ورماتكم يتلون ترستكم ورماحكم ، وما أقمتم فكذلك فافعلوا ، كي لا تصاب لكم غفلة ، ولا تلقى منكم غرّة ، فما قوم حفوا عسكرهم برماحهم وترستهم في ليل أو نهار إلّا كانوا كأنهم في حصون.
واحرسا عسكركما بأنفسكما ، وإياكما أن تذوقا نوما حتى تصبحا ، إلّا غرارا أو مضمضة! ثمّ ليكن ذلك شأنكما ودأبكما حتى تنتهيا إلى عدوّكما.
وليكن كل يوم عندي خبركما ورسول من قبلكما ، فإني ـ ولا شيء إلّا ما شاء الله ـ حثيث السير في آثاركما. وعليكما بالتوئدة وإياكم والعجلة ، إلّا أن تمكنكم فرصة ، وذلك بعد الإعذار والحجّة ، وإيّاكما أن تقاتلا حتّى أقدم عليكما ، إلّا أن تبدءا أو يأتيكما أمري إن شاء الله ، والسلام» (١).
وخبر الإمام في الشام :
ولما انتهى الإمام عليهالسلام إلى النخيلة ، بلغ خبر معسكره بها إلى معاوية بالشام ، فخطبهم وقال لهم : يا أهل الشام ، قد كنتم تكذّبوني في عليّ! وقد استبان لكم أمره ، والله ما قتل خليفتكم غيره هو ألبّ الناس عليه وأمر بقتله ثمّ آوى قتلته ، وهم اليوم
__________________
(١) وقعة صفين : ١٢١ ـ ١٢٥.