خطبة الحسن عليهالسلام في وفاة أبيه :
روى ابن أبي الدنيا عن الشعبي : أن صلاة الفجر يوم وفاة الإمام عليهالسلام صلّاها الحسن عليهالسلام (١) ورقى المنبر بعد الصلاة في ثياب سود (٢) فقام وقال :
الحمد لله حمدا كثيرا على ما أحببنا وكرهنا ، إنا لله وإنا إليه راجعون ، والحمد لله رب العالمين ، وإني أحتسب عند الله مصابي بأفضل الآباء بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ اعلمنّ ـ يا معشر من حضر ـ : أنّه قد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه أحد كان قبله ، ولم يخلّف بعده مثله ، وهو علي حبيب رسول الله وأخوه صلىاللهعليهوآله ، فنحتسب عند الله ما دخل علينا «أهل البيت» خاصّة ، وما دخل على جميع أمّة محمّد عامّة ، فو الله لا أقول اليوم إلّا حقّا : لقد دخلت مصيبته على جميع العباد والبلاد ، والشجر والدوابّ! فنسأل الله البرّ الرحيم أن يرحم وجهه ، وأن يعذّب قاتله ، وأن يحسن علينا الخلافة من بعده (٣).
أما والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها القرآن ، ورفع فيها عيسى بن مريم ، وفيها قتل يوشع بن نون فتى موسى عليهمالسلام (٤).
لقد فارقكم بالأمس رجل ما سبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون (ولقد) كان رسول الله صلىاللهعليهوآله ليدفع الراية إليه فيمضي وجبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فما يبرح حتّى يفتح الله عزوجل عليه ، وما ترك صفراء ولا بيضاء
__________________
(١) مقتل الإمام لابن أبي الدنيا : ٩٣ ، الحديث ٨٧.
(٢) المصدر السابق : ٩٥ ، الحديث ٨٩ عن عاصم بن أبي النجود الكوفي الاصفهاني ، القارئ المعروف. وفي عمامة سوداء ، بلا ذكر الثياب عن مسند أحمد ١ : ١٩٩ ، وكشف الأستار للبزّار : ٢٥٠ في حاشية مقتل الإمام : ٩٤ ، الحديث ٨٨ ، وخصائص النسائي : ٦.
(٣) المصدر السابق : ٩٣ ـ ٩٤ ، الحديث ٨٧ عن الشعبي.
(٤) المصدر السابق : ٩٤ ـ ٩٥ ، الحديث ٨٨.