فقال الإمام عليهالسلام : هل هي غير راية أو رايتين ونبذ من الناس؟ قال : بلى. قال : دعهم.
ثمّ قال لهم : ويحكم! أبعد الرضا والعهد نرجع؟! أو ليس قال الله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) وقال : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ)(٢) فأبى عليهالسلام أن يرجع ، وأبى أولئك الخوارج إلّا تضليل التحكيم والطعن فيه والبراءة منه (٣).
مصير أسرى صفين :
من أسرى العراقيين في الشاميين رجل يقال له : عمرو بن أوس الأودي ، قاتل مع علي يوم صفّين وأسرته قوات معاوية ، مع أسرى آخرين كثيرين. وكان من مشورة ابن العاص لمعاوية أن يقتلهم ، وأبى معاوية. ولما سمع هذا الأودي بذلك قال لمعاوية : إنك خالي فلا تقتلني! ولمّا كان من أود قال له : من أين أنا خالك؟ فما بيننا وبين أود مصاهرة! فقال : فإذا أخبرتك فعرفت فهو أماني عندك؟ قال : نعم. قال : ألست تعلم أن أمّ حبيبة اختك زوجة النبيّ هي أمّ المؤمنين؟ قال : بلى ، قال : فأنا ابنها وأنت أخوها فأنت خالي! فقال معاوية : ما كان في هؤلاء الأسرى أحد يفطن لها غيره! وخلّى سبيله.
__________________
(١) المائدة : ١.
(٢) النحل : ٩١.
(٣) وقعة صفين : ٥١٢ ـ ٥١٤ وكأنّ الأشعث يتشبث بكلّ شيء لإثارة نار الفتنة. ومختصر الخبر في أنساب الأشراف ٢ : ٣٣٦ وقال في عروة : هو عروة بن جدير ، وأديّة أمّه نسب إليها.