أمن من نقضه له ، حمل الكتاب ـ وكأنّه هو صاحب الأمر والقرار فيه ـ وأخذ يمرّ به على صفوف الشام وراياتهم ، وذلك ليطمئنهم به ، عرضه عليهم وقرأه حتّى رضوا به.
ثم عاد يمرّ به على صفوف أهل العراق وراياتهم يعرضه عليهم ، حتى مرّ برايات عنزة وهم أربعة آلاف ، فقرأه عليهم ، فخرج منهم أخوان هما جعد ومعدان وقالا : لا حكم إلّا لله ، ثمّ حملا على أهل الشام بسيفيهما حتّى بلغا رواق معاوية فقتلا على باب رواقه!
ثمّ مرّ به على مراد فقال أحد رؤسائهم صالح بن شقيق : لا حكم إلّا لله ولو كره المشركون!
ثمّ مرّ على رايات بني راسب فقرأها عليهم ، فقال قائلون منهم : لا حكم إلّا لله ولا نحكم الرجال في دين الله!
ثمّ مرّ على رايات بني تميم فقرأها عليهم فقال قائل منهم : لا حكم إلّا لله يقضي بالحق وهو خير الفاصلين.
وخرج منهم عروة بن ادية فقال للأشعث : فأين قتلانا؟ ثمّ شدّ بسيفه ليضربه فانصرف الأشعث فأصابت ضربته عجز دابّته ضربة غير شديدة فاندفعت به الدابة ، وصاح به قومه فأمسك.
ورجع الأشعث إلى قومه كندة وأهل اليمن فاجتمعوا عليه ، وخاف الفتنة رجال من بني تميم : الأحنف بن قيس ومعقل بن قيس ومسعر بن فدكي فاجتمعوا ومشوا إلى الأشعث واعتذروا إليه وتنصّلوا ، فقبل منهم.
ولكنّه انطلق إلى علي عليهالسلام فقال له : يا أمير المؤمنين ، قد عرضت الحكومة على أهل الشام والعراق فرضوا بها ، حتّى مررت برايات بني راسب ونبذ من الناس سواهم فقالوا : لا حكم إلّا لله لا نرضى! فلنحمل بأهل العراق ـ وأهل الشام ـ عليهم فنقاتلهم فنقتلهم!