وحمل أهل العراق وتلقّاهم أهل الشام فاجتلدوا ، وحمل عمرو بن العاص وارتجز ، فاعترضه علي عليهالسلام مرتجزا ثمّ طعنه فصرعه ، فاتّقاه عمرو برجله فبدت عورته ، فصرف علي وجهه عنه.
وكان ابن العاص معلما بعلامة ، ولكن الناس لم يعرفوه ، ولذا قالوا لعليّ عليهالسلام : أفلت الرجل يا أمير المؤمنين! فقال لهم : وهل تدرون من هو؟ قالوا : لا ، قال : إنه عمرو بن العاص تلقّاني بعورته فصرفت وجهي عنه!
ورجع عمرو إلى معاوية فقال له : ما صنعت يا عمرو؟ قال : لقيني عليّ فصرعني. قال : فاحمد الله وعورتك! أما والله لو عرفته ما أقحمت عليه ... فغضب عمرو وقال : ما أشد تعظيمك عليا في كسري هذا! هل هو إلّا رجل لقيه ابن عمّه فصرعه ، أفترى السماء تقطر لذلك دما؟! قال : لا ، ولكنّها معقّبة لك خزيا (١).
وتشبّث بالأشعث :
ثمّ دعا معاوية أخاه عتبة وكان لسنا لا يطاق ، فقال له : الق الأشعث بن قيس الكندي ، فإنّه إن رضي رضيت العامّة (الأكثرية).
فخرج عتبة إلى أهل العراق ونادى الأشعث ، فأخبروه فقال : فسلوه : من هو؟ فعرّف نفسه ، فأخبروه فقال : غلام مترف ولا بدّ من لقائه! ثمّ خرج إليه ، فقال عتبة له : أيها الرجل ، إنك سيّد أهل اليمن ورأس أهل العراق ، وقد سلف إليك من عثمان ما سلف من الصّهر (؟) والعمل (على آذربايجان) وإنّك إذ حاربت أهل الشام حاميت عن أهل العراق حميّة وتكرّما ... وقد بلغت منّا ما أردت
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٠٣ ـ ٤٠٧ و : ٤٢٤ ، وانظر : ٤٧٢ و ٤٧٣ ، وأنساب الأشراف ٢ : ٣٣٠ ، الحديث ٣٩٨ ، ومروج الذهب ٢ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧.